مايو 22

فرعون آخر زمان
عرّفنا التاريخ بشخصيات فرعونية ساهمت كثيرا في بناء حضارة عريقة والتي لا زالت بها حرارة وأشعة ضوء من خلال ما تركته من آثار لا زالت تقاوم ظروف الطبيعة ولا زالت تدوخ العقول بالمستوى الذي بلغته. عرفنا التاريخ بالملك العقرب, والملك التمساح وملوك أسسوا لرقي خارق للعادة في صحراء مصر, ولكن يبدوا أن ضفاف النيل الذي عانق الحضارة الفرعونية من بدايتها الى نهايتها, قد لفظ على هوامشه بعض الجينات الفاسدة والتي بدل أن تكون نسخا من الحضارات التي تعاقبت عليه, نسخت مجموعة من الضفادع ومن النوع الفاشل لأن هناك الضفدع الناجح الذي يحسن القنص فلا تلبث أن تكون غنيمته سابحة في أحماض معدته, وهناك الضفدع الفاشل الذي يقنص الأغصان اليابسة أو الشائكة بدل الوجبات, هذا النوع من الضفادع اكتشفته عندما حل المنتخب الوطني لكرة القدم ضيفا على القاهرة, ومن خلال الاستقبال البارد والسريع الذي كان مقدمة لكارثة لم يتوقعها أي جزائري, وهي رجم حافلة المنتخب الوطني التي كان على متنها اللاعبون والطاقم الفني والطبي, ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم, ووزير الشباب والرياضة, وصحفيان أجنبيان بوابل من الحجارة أدت الى كسر زجاج الحافلة وإصابة لاعبيها بإصابات مختلفة, وأتذكر عندما كنت أتابع الأحداث على القنوات المصرية قال أحد الصحفيين أن الأنصار الجزائريين هم من تسللوا الى الطريق من أجل حبك مسرحية الاعتداء, وفي قناة أخرى قال أحد الصحفيين معلقا على الأضرار التي لحقت بالحافلة: كيف لحجر واحد أن يكسر كل زجاج الحافلة؟, لتأتي بعدها مسرحية شاهد شاف مين كسر الأتوبيس, في محاولة لإقناع الرأي العام بأن اللاعبين هم من قاموا بتكسير زجاج الحافلة, وهم من ضربوا أنفسهم وسيلوا دماءهم, وحاول الاعلام المصري إعطاء مصداقية لكذبته من خلال محاضر تحقيق البوليس المصري التي صرحت أن الزجاج قد كسر من الداخل, وكأن بالزمن والتاريخ يدور دورته العجيبة من خلال شكل القصة عندما راودت امرأة العزيز فتاها والذي برأه الله عندما تبين أن قميصه قد قدّ من دبر, والله برأ الجزائريين من خلال شظايا الزجاج الذي وجدت بداخل الحافلة ووجود صحفيين شهود على المهزلة, والحجارة التي نزل بها اللاعبون من الحافلة, وسار في نفس نهج الكذب طبلوج الاتحادية المصرية لكرة القدم أمام أوكار الدعارة الإعلامية المصرية وتهكم وسخر من لاعبينا المصابين الذين وضعوا ضمادات على جراحهم متهما إياهم بالتمثيل, وللأسف صمتت السلطات المصرية بداخليتها وخارجيتها ولم يحرك السيد مبارك الذي زار لاعبيه قبل المباراة ساكنا وكأن الجميع تآمر على الوفد الجزائري, انه لشيء غريب أن نرى دولة كمصر بهيآتها تكذب وتصر على الكذب ولا تستح من فعل ذلك, قد لا نستغرب أن تقوم الجماهير بأعمال شغب فعنف الجماهير معروف عالميا ولكن الأغرب أن تمارس هيئات رسمية العنف والاهانة.
حادثة الحافلة كان بإمكان السلطات المصرية أن تضعها في الأرشيف لو تعاملت معها بعقلانية, فاعتذار بسيط بعد الحادثة كان سيبرأ الجرح الى الأبد, حتى أن الوقت لم يفت لو تقدمت اتحادية مصر باعتذار رسمي على تلك الحادثة, لكان الطرف الجزائري قد تقبله ولعادت المياه الى مجاريها وانتهى الأمر, ولأن الدولة المصرية كذبت وصدقت كذبتها وعملت المستحيل حتى يصدقها الرأي العام هي الآن تحس بالحرج فالاعتذار هو فضح لتصرفاتها الصبيانية أما الٍرأي العام العالمي ولكن العقوبة التي ولدتها الفيفا بعد مرور ستة أشهر من الحمل ستجعلها مسخرة أمام الجميع.
نحس بشعور سيئ عندما نكتشف أن المصريين إخوان لنا على حرف, إذا تفوقوا علينا فنحن إخوانهم في التاريخ وفي الدين وان نحن هزمناهم فنحن جزم وحشرات وبلطجية, وكل ما حوته قواميسهم من اهانة لتاريخنا وشهدائنا ورجالنا ونسائنا. جسّد هذه النظرية بالحرف الطبلوج المنافق شوبير الذي ظل عاكفا قبل المباراة يرتل تعاليم التهدئة والأخلاق الفاضلة حتى أن الجزائريون انخدعوا بما يقول وكرموه بالبرنوس الجزائري الذي لا يستحقه, ثم انقلب كالأفعى بعد مباراة التأهل في صف كل من سب الجزائر, وكذلك سارت في نهجه أسماء كثيرة يعرفها الجميع, ولكن كل الضفادع التي حاولت الإساءة للجزائر لم تبلغ مرادها لأن الجزائر يعرفها القاصي والداني والمذمة التي أتتنا من الناقصين هي شهادة لنا بالكمال, ولكن الإساءة للأسف مست مصر وشوهت صورتها لدى الرأي العام العربي والعالمي وكذلك لا زالت تفعل الملوك الضفادع فراعنة آخر زمان.

أضف تعليق.