ويتمتع بنسيم الطاحونات الهوائية

لأول مرة تحتضن إفريقيا الكأس العالمية لكرة القدم, ولأول مرة تصل اسبانيا الدور النهائي في حياتها بل وتلامس وتعانق الكأس الذهبية, الجميع توقع توقف مشوارها في أي مرحلة من مراحل الكأس عندما شاهد الجميع سهام السويسريين وهي تستقر في ظهور ثيرانها لتكبدها خسارة غير متوقعة في أول مقابلة من مباريات الدور الأول, مباراة الدور الربع النهائي ضد البراغواي عززت تلك الشكوك خاصة وأن التأهل جاء بشق الأنفس للدور النصف النهائي والذي توقعت فيه مرور الألمان الى الدور النهائي بعد المشوار الطيب والمستوى العالي الذي أبانوا عليه في الدور الربع النهائي أمام الأرجنتين, و لكن فعلتها الثيران الاسبانية وعلى الطريقة الايطالية قفزت من دور الى دور حتى عانقت الكأس الغالية, وهنا وصلت الى قناعة مفادها أن كرة القدم فعلا علوم دقيقة وفيها الواحد زائد واحد يساوي اثنان ولا ثمار فيها من دون عمل هكذا سن الله الحياة ووضع فيها الأسباب للوصول الى أي نجاح. كرة القدم في اسبانيا تاريخ ويعتبر الدوري الاسباني من أقوى الدوريات في العالم بدأ رسميا سنة 1929, ولكن ممارسة اللعبة كانت موجودة قبل هذا التاريخ حيث انطلقت مسابقة الكأس سنة 1902, وطبق الاحتراف وسمح للأجانب باللعب في البطولة سنة 1951, كانت حينها الجزائر تعاني من ويلات الاستعمار, ولا زلنا 48 سنة بعد الاستقلال نتحدث ونبحث عن الطرق والسبل والوسائل من أجل تطبيق الاحتراف و لولا إصرار الفيفا على الموضوع لما زلنا ولبقينا الى الأبد في أقسام الهواة, مسيرة الثيران مع الكأس العالمية لها تاريخ أيضا حيث تأهلت اسبانيا الى كاس العالم اثنا عشر مرة, لم تبلغ فيها الدور النهائي أبدا, وبغض النظر عن نتائج النخب الوطنية عالميا كان هناك عمل في الميدان لم يتأثر بالنتائج السلبية وهو ما أتى بأكله في جنوب إفريقيا, بالنسبة لمنشط الدور النهائي الثاني هولندا فقد أدى مشوارا من دون تعثر من الدور الأول وأبان عن إمكانيات هائلة وكانت له كامل الحظوظ للظفر بكأس العالم, فبوصولها الى النهائي أثرت هولندا تاريخها الكروي الحافل بالإنجازات, فاتحاد الكرة في هولندا أسس سنة 1889 وكان آنذاك الاتحاد مشتركا مع رياضة ألعاب القوى واستقل بصفة رسمية سنة 1895 وانطلق الدوري الهولندي سنة 1897غير أن رفض الاتحاد الهولندي لفكرة تطبيق الاحتراف كان سبب تأخر تطور اللعبة حيث تسبب ذلك في رحيل ألمع نجوم الكرة الى الأندية الأوروبية وتراجع مستوى الكرة في هولندا بشكل رهيب, وتم تطبيق الاحتراف حتى سنة 1956, وسجل الفريق الهولندي مشاركته في كأس العالم ثماني مرات, ووصل الى النهائي مرتين, وحقق كأس أمم أوروبا مرة واحدة سنة 1988, كخلاصة نهائي كأس العالم كان نهائيا منطقيا بين فريقين عريقين في كرة القدم, غير أن إحصائيات المباراة النهائية أبانت عن فرق شاسع في المستوى ويتجلى ذلك من خلال إحصائيات المباراة, فالإسبان استحوذوا على الكرة 63% مقابل 37%, بالنسبة للعب الايجابي أيضا كان التفوق لاسبانيا 52% مقابل 42%, واستمر التفوق في التسديدات خارج الثلاث خشبات بـ 13 مقابل 8, وفي العرضيات بـ 23 مقابل 13, وتعادل الفريقان في التسديدات نحو المرمى بـ 4 مقابل 4, بالنسبة لاستخدام الفرديات تفوقت اسبانيا بـ 28 مرة مقابل 21 مرة للاعبي هولندا, وكان التفوق اسبانيا في التمريرات الايجابية, و التمريرات الطولية والبينية, وفي الصراعات الفردية, وفي الركنيات, بالنسبة للأخطاء كانت تسللات الاسبان أقل من تسللات هولندا, كذلك بالنسبة للبطاقات الصفراء والحمراء, غير أن الاسبان ارتكبوا أكبر عدد من المخالفات من الهولنديين, لكن الاندفاع البدني للفريق الهولندي كان مبالغا فيه فلو طبق الحكم قانون اللعبة للعب الهولنديون بناقص لاعبين على الأقل قبل أن تنتهي المباراة في وقتها الرسمي. في النهاية الكفة مالت للإسبان الذين يملكون دوري من أقوى الدوريات في العالم وتملك أقوى الفرق على الصعيد العالمي فريق برشلونة الذي حصد ستة ألقاب كاملة في الموسم الفارط, وربما كان حصول برشلونة على كأس العالم للأندية تمهيد للكأس العالمية في جنوب إفريقيا حيث صنع لاعبوا برشلونة الفوز المحقق أمام هولندا, لقد رفع الثور الكأس عاليا وثمل بالجبن الهولندي وتمتع بنسيم الطاحونات الهوائية, في مرتفعات جنوب إفريقيا, ولمن يرغب في الفوز بكأس العالم فليتمعن في أسباب النجاح الاسباني وليتمتع بالعمل.