في أول غزوة الى إفريقيا الوسطى

كم تمنيت كمناصر أن تتواصل نجاحات الشيخ رابح سعدان مع الخضر, لكن الحظ لم يكن حليفه, ربما كانت عينا مشئومة قد أصابته بعد الذي أنجزه مع رفاق مطمور في التصفيات وفي كأس إفريقيا وكاس العالم, فكل شيء لم يكن في صالحه, فاللاعبون خرجوا منهكين, وفي وضعيات لا يحسدون عليها, بين إصابات وقلة منافسة, وبعضهم كان بدون فريق. الشيخ يؤاخذ هنا على عدم التحضير الجيد في خضم تلك الظروف, مع إشراكه للناقصين بدنيا وللمصابين في المقابلات الرسمية, كل شيء أدى الى ضغط رهيب ولد انفجار رمي المنشفة. ولكن الشيخ لم يخرج من الباب الضيق كما يدعي البعض, فما قدمه سعدان للفريق الوطني لم يقدمه لا مدرب محلي ولا أجنبي.

خرج سعدان إذن ودخل الجنرال بن شيخة ثكنة المحاربين, وصراحة تمنيت أن يكون بن شيخة خليفة سعدان لعدة اعتبارات, أولها أننا لم نستفد مطلقا من الخبرات الأجنبية التي دربت الخضر وكلها خفقت في تحقيق انجازات بسيطة مع الفريق الوطني, هناك من يقول أنها خبرات متواضعة وأسماء المدربين الأجانب الذين دربوا الخضر قليلي الخبرة في مجال التدريب, هذا صحيح ويدفعني الى الإصرار على عدم نجاعة التقني الأجنبي حتى ولو كان مورينيو واضرب أمثلة بالفريق الوطني التونسي والمغربي اللذان ضيعا التأهل للمونديال الإفريقي تحت إشراف تقنيين من الطراز الرفيع, ولن ينجح أي تقني أجنبي مع الفريق الوطني إلا إذا درب لسنوات في الجزائر وتعرف على دقائق بيئة كرة القدم الجزائرية. بالنسبة للاعتبار الثاني علينا أن نقدم الفرصة للإطارات الجزائرية خاصة وأن بن شيخة نجح مع الإفريقي التونسي الموسم الماضي في إحراز لقب البطولة, ونجح مع المحليين في وقت قياسي وتأهل الى كأس إفريقيا للمحليين التي ستقام في السودان العام المقبل, وقبلها كان مساعدا للمرحوم مراد عبد الوهاب في شباب بلوزداد في موسم 98/99, كما اشرف على مولودية الجزائر والمنتخب الأولمبي سنة 2005, والجميع يعرفه على أنه مدرب طموح ويحب النجاح. علينا أن لا نغمض عينينا أيضا على مبرر اختيار الاتحادية للإطار المحلي فتوقيت حاجة الخضر الى مدرب أعطى للجنرال فرصة العمر مع محاربي الصحراء, فالإتحادية ليس بمقدورها أن تتعاقد من تقني أجنبي لأربع سنوات قادمة لأسباب مالية, ولو أننا نندهش عندما تتحدث الجهات الوصية عن الجانب المالي فدول متواضعة من حيث الثروات والمدخول تنتدب تقنيين أجانب وتوفر لهم جميع الإمكانيات, في حين تضيع الملايير هنا في الجزائر في أشياء لا تفيد لا الأفراد ولا المجتمع, فحسب قصيدة الإمكانيات المالية ليس للاتحادية إلا خيار المدرب المحلي, ولو أن المنطق في عالم كرة القدم الجزائرية يعيش على عتبة الأقلام السيالة فبامكان بن شيخة أن يرحل في أي وقت ويعوضه مدرب أجنبي بحجة توفر السيولة. على كل ننتظر من الجنرال أن ينتهز الفرصة وان يكون اليد المصححة لسياسة “الاجتماعيات” في الفريق الوطني, مع فرض الانضباط, وتوظيف الأكثر جاهزية في المقابلات الرسمية, وعدم التعامل بالعاطفة في اختيار اللاعبين وتوظيفهم أثناء المقابلات, فالفريق الوطني هو فريق الأمة الجزائرية وكل الشعب الجزائري وليس ملكا لشخص أو هيئة, نريدك أن ترفع التحدي يا بن شيخة وتنجح في استثمار هذه الفرصة.

محاربي الصحراء اختاروا أصعب الطرق بعد تعادل بطعم الهزيمة أمام تنزانيا بملعب البليدة, وما على الجنرال إلا قيادة المحاربين عبر هذه الطريق من أجل تجاوز عقبة إفريقيا الوسطى الطموحة من أجل تحسين مرتبتها في السلم الدولي ولما لا إحداث المفاجأة والتأهل الى نهائيات الغابون وغينيا الاستوائية, وما التربص الذي أقامته بمرتفعات عين الدراهم بتونس من 8 الى 16 سبتمبر إلا دليل على رغبة هذا الفريق في تحقيق نتائج ايجابية, الطريف في الأمر أن إفريقيا الوسطى أجرت مقابلة ودية أثناء تربصها مع مولودية قسنطينة الناشطة في القسم الثاني الجزائري, وتعادل فيها الفريقان بهدفين في كل شبكة, الأمر الذي سيرفع الضغط على الخضر من أجل العودة بالزاد كاملا. بالنسبة لخيارات المدرب فيما يخص المقابلة المقبلة موضوع أسالت فيه الصحافة الكثير من الحبر جله كان إسرافا في حق المحبرة لأنه كان خاليا تماما من المصداقية, فقد تكلمت عن عودة عدة أسماء من المحليين الى صفوف المنتحب الأول, وشخصيا استبعد أن يعيد بن شيخة أسماء كانت قد طردت لأسباب انضباطية في عهد الشيخ سعدان, واستبعد أن يستدعي أسماء كثيرة من المحليين أو المحترفين لأن ذلك سيعيق لعب المجموعة ويؤجل الانسجام داخل الفريق الى أجل غير مسمى, وهذا ما يفسر استدعاء لاعب واحد فقط وهو اللاعب السطايفي جابو لما يملك من إمكانيات, وهذا خيار صحيح وفي محله استحسنه الجمهور الرياضي كثيرا بالنظر لما قدمه اللاعب في مباريات كأس رابطة الأبطال الإفريقية, ويبقى على جابو أن يبرهن فوق الميدان وشخصيا متفائل واعتقد أن جابو لو تمنح له الفرصة سيمنح نفسا جديدا لهجوم الخضر بمراوغاته وتمريراته الدقيقة. كما أرى أن بن شيخة لن يعتمد في خياراته على لاعبين مصابين أو ناقصين منافسة, وإلا ماذا سنستفيد من تكرار الأخطاء إلا حصاد شتائم جديدة فوق المدرجات وحلقات أخرى من مسلسل رمي المنشفات وتعيين مدربين وإقالتهم عند كل تعثر.

في الأخير نرجو من المحاربين أن يوفقوا مع جنرالهم في غزوة إفريقيا الوسطى, فاجتياز التصفيات بنجاح ستسمح للفريق الوطني بالتطور أكثر, والتعثر يعني العودة الى نقطة الصفر وهو ما لا نتمناه.