أوراق التكتل الأخضر تصفر مع خريف الانتخابات المحلية

يبدو أن خريف الانتخابات المحلية الولائية كان على مقاس الأحزاب الإسلامية, التي اصفرت أوراقها بعد قصة غير ناجحة مع الاخضرار خلال الانتخابات البرلمانية, النتائج هذه المرة جاءت جد مخيبة بل واصفرت فيها الكثير من أوراق النهضة والإصلاح وحماس التي تحصلت على 11 بلدية فقط على المستوى الوطني, فيما احتلت المرتبة الثالثة في المجالس الولائية بـ 138 مقعدا فقط, الأحزاب الإسلامية سقطت في فخ المشاركة في انتخابات الكل كان يعلم بأنها ستكون مزورة ومحضرة على مقاس حزب الإدارة, الذي يسعى الى تقزيم من حجم الأحزاب الإسلامية قدر المستطاع حتى إذا أرادت يوما ما الانسحاب من أي عملية انتخابية, لن يكون ذلك مؤثرا, وسيتقبل الشارع انسحاب أحزاب لا تحظى بالأغلبية, هي ربما أيضا عقوبة صادرة من حزب الإدارة في حق حركة مجتمع السلم التي انسحبت من التحالف الرئاسي بعد قراءة خاطئة للربيع العربي, فحماس كانت دائما الثالثة في عهد التحالف, لكنها لم تعد كذلك بعد الانسحاب, وان حلت ثالثة في المجالس البلدية الولائية ( حسب عدد المصوتين) بفارق خيالي عن حزبي الإدارة, فالأفلان تحصل على 159 بلدية, فيما تحصل الأرندي على 132 بلدية فيما كانت حصيلة الحركة 11 بلدية فقط, كما كانت نتائجها شبه متقاربة مع الحركة الشعبية الجزائرية التي تحصلت على 12 بلدية, 524861 صوت, وشاركت بقوائمها الانتخابية, في 632 بلدية, وأعتقد أن حماس والأحزاب الإسلامية الأخرى مخطئة كثيرا لاعتمادها المخيب على رد فعل الشعب خلال العملية الانتخابية, واعتماد مخيب لأن الأغلبية الساحقة من الوعاء الانتخابي غير مكترثة لأمر الصندوق, لذا أعتقد أن حماس قد جنحت الى صف لم يكترث لانسحابها من التحالف, واكتفت بالانسحاب آملة في تحريك ربيع جزائري انتخابي, وعلى الأرض لم تقم بأي عملية تعبئة, ولم تحضر جيدا للانتخابات ولم تقم بأي شيئ يساعد على تحريك الجماهير من أجل التغيير السلمي المرتقب, واكتفت بالتحرك فقط وكالعادة من خلال المناسبات الانتخابية, حتى الشعب لم يعد يلمس في الحركات الإسلامية تلك الرغبة في التغيير, ويظهر البرود والفتور واضحا على قواعدها, بعد هزتين كبيرتين على سلم مناصرة وغول. أما بالنسبة لرد فعل الحركة فأتقاسم الرأي مع من رآه لينا, وحسب التقارير الصادرة والمنشورة في موقع الحركة و في مقال “قراءة في النتائج “الرسمية” للانتخابات المحلية 2012″ اعتبرت الحركة أن وعاءها الانتخابي لا يزال ثابتا رغم الهزات, وبأنها لا زالت تحافظ على مرتبتها ضمن القوى العشر الأولى في الجزائر, وأنه يتوجب قراءة هذا بعمق. ولكن كان يجب أن نقرأ بعمق أيضا أن المرتبة الثالثة جاءت هزيلة ونحيفة وبعيدة بعد السماء عن الأرض بالنسبة للمرتبتين الأولى والثانية. أما في البيان الرسمي للحركة “بيان : الحركة تعلّق على نتائج الانتخابات”, اعتبرت الحركة أن التجاوزات المسجلة والسياقات الانتخابية المختلة أثرت على سير العملية الانتخابية, وأستغرب عدم تسمية الأمور بمسمياتها لأن ما حدث هو تزوير مع سبق الإصرار والترصد, والحركة تملك من الأدلة ما يكفي حتى تكون لغة بيانها أكثر شدة, وتكون معبرة بحق لما حدث في هذه الانتخابات, وتعبر عن رأي مناضليها وكل من ساندها, وفي آخر نقطة تقييميه من البيان وضحت الحركة سبب مشاركتها في الانتخابات البرلمانية “إن الإرادة السياسية التي قررنا بها دخول هذه الانتخابات كان الهدف منها مقاومة اليأس وإقامة الشهادة على المتلاعبين بالإرادة الشعبية “, ترى هل فعلا كان هذا هو الهدف الحقيقي قبل دخول الانتخابات؟, وفي مقال متأخر نشر يوم 2 ديسمبر على موقع الحركة وفي محاولة لتقييم العملية الانتخابية, يبدو أن القائمين الحركة تأثرت بالانتقادات الموجهة إليها والرافضة للغة اللين التي اتسمت بها مواقفها بعد النتائج, وتحدثت في سطر واحد عن محاولات التضليل والتزوير والتجاوز, واعتبرت أن هناك استقالة جماعية للشعب وأبناء التيار الإسلامي بصفة خاصة, وهو اعتراف ضمني عن عجزها لحد الساعة في تحريك الشارع, وإقناع الفئة الصامتة والإسلامية من أجل المشاركة في الانتخابات. وبلغة الرياضة يبدو أن الإصابة كانت مؤلمة ولكن الحركة حاولت بشجاعة أن لا تبدي ألمها, وتقول في محاولة لرفع المعنويات بأنها لا زالت في صحة جيدة.

أما بالنسبة للنهضة والإصلاح فأعتقد أن الحزبين قد بلغا عتبة الانقراض, والانتخابات المقبلة ستكون قاصمة لظهرهما إن هما واصلا العمل على نهج المناسباتية, أحزاب إسلامية أخرى لم يظهر لها خبر مثل حزب جاب الله الذي طاب جنانو بحق, ولم يعد تلك الشخصية المؤثرة في الانتخابات, مناصرة اختفى, وغول يبدو أنه أجل الدخول الى الانتخابات حتى يقوم بهيكلة حزبه, ويريد ربح الوقت من اجل التحضير للمواعيد والاستحقاقات السياسية المقبلة.

ختاما نقول أن الخريف الانتخابي كان قاسيا على التيار الإسلامي, وان تواصلت الأمور كما هي عليه واكتفى التيار الإسلامي بالبروز خلال الانتخابات فقط, فان القادم سيكون أسوأ, وان اصفرت هذه المرة, فستتساقط من الأغصان الكثير من الأوراق, في المواعيد المقبلة.

 مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

قراءة في النتائج “الرسمية” للانتخابات المحلية 2012

بيان : الحركة تعلّق على نتائج الانتخابات

الإدارة والإستقالة الشعبية تؤجلان الإصلاح والتغيير