وخاسرون أبدا


لست أعلم إن كانت هذه الظاهرة عامة في جميع البلدان العربية, فمع قدوم شهر رمضان كل حول تعمر المساجد بطريقة يتمنى الإنسان لو أنها تدوم ,صلاة الصبح بصفوف كثيرة في رمضان بدل الصف الواحد أو الصف والنصف في باق الأشهر, والاكتظاظ في الأوقات الأخرى وحتى صلاة التراويح لن تجد لك مكانا لو جئت متأخرا الى المسجد.
الظاهرة موجودة كل عام وتدعوا فعلا الى التساؤل ما معنى أن يصلي المسلم شهر رمضان فقط؟ وعلى أي أساس يبني هذا المنطق؟ انه يعلم حق اليقين أن الصيام دون صلاة هو كالجسد بلا روح؟  فيشمر ويصلي ويقوم؟ أولا يتعب هذا العقل قليلا فيقتنع  أن حياته كمسلم دون صلاة هي أيضا كالجسد بلا روح؟ألا يتوقف هؤلاء الناس بعض اللحظات فيسألون أنفسهم: مع من يتعاملون؟ أليس هو الخالق العظيم خالقهم وخالق هذا الكون؟ هل يخدعون الله أم يخدعون أنفسهم؟
ليس هذا فقط, فهناك من يصلي شهر الصيام فقط ولا تلين قلوبهم حتى لصلاة العيد فالصلاة انتهت بانتهاء الصوم, وآخرون يصلون الجمعة فقط أو العيد فقط أو الجنازة فقط؟ ما أثقل الدنيا فوق ظهورهم وما أثقل ما يفعلون!  وما أثقل السؤال يوم لا ينفعهم مال ولا مشاغل.
هو شاب معوق من مدينتي إعاقته كلية  لا يقدر على الوقوف ولا يستطيع أن يمدد ذراعيه أو يديه, ليس بإمكانه أيضا أن يدير رأسه ولا يستطيع الكلام, جسم أنهكته الإعاقة والتشوه لكنه بإرادة قلما نشهدها عند الأصحاء, يصر على أن يصلي حسب ما يقدر في المسجد جماعة تجده كل الأوقات اللهم إلا إذا لم يجد من يوصله على كرسيه المتحرك, حتى التراويح يقيمها جماعة في المسجد, سبحان الله العظيم أية من الله أمام الناس كل يوم يمرون عليها مر الكرام وليست الأبصار التي تعمى وإنما تعمى القلوب التي في الصدور.
رمضان هو لكل الناس على اختلاف درجات إيمانهم محطة لمحاسبة النفس وفسحة رائعة من أجل تصحيح الأخطاء وعتبة من أجل الانطلاق من الجديد بما اكتسبته النفس من مزايا في رمضان, هي فرصة للمدخنين من أجل الإقلاع عن هذه الآفة وما يلزم النية الصادقة والعزيمة من أجل الانتصار على هذه العادة الذميمة, هي فرصة للبعيدين عن الله حتى يقتربوا بالصلاة والسجود والدعاء لعل الله يغفر ذنوبهم, وماضيهم.
ولا يسعنا إلا أن نقول لأصحاب التوبة المؤقتة أن خسارتهم دائمة