بين الخلفية والمصلحة

مشهد من المظاهرة

خرج بضع عشرات من المحتجين الى ساحة أودان بالجزائر العاصمة احتجاجا على العهدة الرابعة. الأمر الذي يجب أن لا نناقشه هو أن لكل جزائري الحق في التظاهر وإبداء الرأي نظريا, فهو حق دستوري على الورق, فالكثير من الجزائريين ضد العهدة الرابعة, ونلمس ذلك من خلال ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي يوميا, فكل جزائري يعبر عن رأيه من خلال صفحته أو مدونته, ما لا يكتب على الورق هو أن حرية إبداء الرأي غير مكفولة في الواقع فكلما خرج نفر الى الشارع, خرجت قبله وبعده أفواج من شرطة مكافحة الشغب, ما لا نراه أيضا هو من يقف وراء هذه الاحتجاجات, هل هي فعلا عفوية, وهل تصب في مصلحة جهة ما؟, أبدأ بالتساؤل الأول وهو أن المظاهرة كانت ضد العهدة الرابعة, أي ضد شخص بوتفليقة, وكان الأحرى أن تكون ضد النظام بصفة عامة فما العهدة الى ظاهرة, ولكن المرض يكمن في نظام حكم وليس في عهدة, فلما تكون المظاهرة ضد مترشح؟ ولفائدة من يصب هذا الاحتجاج؟, ثانيا لاحظت أن المتظاهرين يلبسون أقمصة مكتوب عليها لا للعهدة الرابعة باللغتين العربية والفرنسية, من طبع هذه الأقمصة ومن وزعها؟؟ فالأمر مدبر قبل الخروج الى الشارع وحتما سبق الحدث اجتماعات وتنسيق, ثالثا شخصية أميرة بوراوي بنت العسكري المتقاعد بدت لي شخصية مثيرة للجدل, والجميع يعلم تصدرها في احتجاج يدعم كادنات الحب على جسر تليملي, والجميع يعلم أنها ظاهرة شاذة وخارجة عن عرف الأسرة والمجتمع الجزائري, هذه السيدة قالت بعد تطور الحركة الاحتجاجية الى تنظيم أطلق على نفسه “بركات”, أن المجاهدة جميلة بوحيرد اتصلت بهم وقالت لهم بأنها ستنزل الى الشارع معهم, هذا ما قالته في حوار لإحدى الجرائد اليومية, بعد ذلك صرحت المجاهدة والتي كانت خلال الاحتجاجات في مدينة غزة الفلسطينية بأنها بريئة من هذه التصريحات وأن لا علاقة لها بحركة بركات, وهي مغالطة صريحة من طرف أميرة بوراوي, بل وكذب صريح في محاولة للبحث عن خلفية قوية تستند عليها الاحتجاجات, وهل يعقل أن تكون مجاهدة في الاتجاه المعاكس لنظام تحكمه الأسرة الثورية من مجاهدين وأبناء وحفدة, فلصالح من تنشط أميرة بوراوي وما هدفها الحقيقي من هذه الحركة الاحتجاجية؟, ثم لما تسليط الضوء على شخصية بوراوي بينما كان في مكان الاحتجاج الكثير من الصحفيين؟؟. رابعا لما تنظم بوراوي ومن كان معها للحركة التي دعا إليها الارسيدي شهر فيفري من سنة 2011, فالأرسيدي كان هدفه من الاحتجاج في ذلك الوقت تغيير نظام بأكمله وليس شخص, ولأنه الأرسيدي لمن ينجح, ولم يشاركه الا مناضلوه, وهذه المرة خرجت حركة احتجاجية الى الشارع لا نعرف إيديولوجيتها, ولكنها أنطقت سعيد سعدي, وقال أن الواقفين ضد الاحتجاج يسعون لتمرير مرشح آخر من النظام, لتحويل الرأي العام حول نظرية تغيير النظام جذريا, وما هذا الاحتجاج الا صراع قلة حاكمة وضعت مصلحتها فوق المصلحة العامة. ما استنتجه أن هناك تنافس حامي الوطيس بين إيديولوجيات تريد أن تظفر بالشارع وتريد أن تحقق السبق.

خارج نطاق الاحتمالات السياسية الاحتجاجات تذكرني بكثير من المواقف التي مرت بها البلد, كانتفاضة 5 أكتوبر 88, فرغم هول ذلك اليوم الذي كانت فيه الاحتجاجات في كل ربوع الوطن, ورغم الدماء التي سالت, الا أن النظام احتوى الأمر وبقى على حاله ولم يتغير, وكيف لاحتجاج بسيط من بضع عشرات أن يغير شيئا من الواقع, وهل هناك تمرد أقوى من تمرد الفيس والجماعات المسلحة, والذي آل في النهاية الى نقطة الصفر, في جهة مقابلة أتذكر المعارضة خليدة تومي التي صالت وجالت بكتبها ومحاضراتها ولم تترك للنظام زاوية الا انتقدتها, هاهي الآن وزيرة في هذا النظام تنطق بلسانه, بل وتدافع عنه. علمتنا التجربة أن بعض صيحات الاحتجاج إن لم تكن لها خلفية سياسية وإيديولوجية, كانت وراءها مصلحة شخصية.

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

روابط ذات صلة

أميرة بوراوي عضو حركة بركات:: أرفض “الرابعة”.. ولست من دعاة العشق الممنوع

الأرسيدي يحذّر من المشاركة في التظاهرات ضد العهدة الرابعة

الجزائر.. تفريق مظاهرات ضد ترشح بوتفليقة