وصناعة الموت والأحزان والفشل


في العاشر من الشهر الجاري توجه بوش الى الأمريكيين والعراقيين والمتتبعين للشأن العراقي بخطاب يروي فيه قصته الجديدة بطلتها إستراتيجية جديدة في العراق الجريح والتي تضمنت :
* نشر أكثر من 20,000 جندي إضافي في العراقي دعماً للخطة العراقية لإحلال الأمن
* تولي الحكومة العراقية المسؤولية الأمنية عن جميع المحافظات العراقية بحلول تشرين الأول القادم
* إصدار تشريع لتقاسم عائدات النفط العراقية
* القيام إصلاحات سياسية
* إنفاق 10 مليارات دولار على إعادة الإعمار ومشاريع البنى التحتية في البلاد
* منع تدفق الدعم للمتطرفين من سورية وإيران إلى الأراضي العراقية
إضافة أكثر من عشرين ألف جندي أمريكي وخمسة ألوية من أجل تدعيم الخطة الأمنية في العراق حسب السيد الرئيس من أجل مكافحة الإرهاب!!! الم يمل الرئيس الأمريكي من رواية قصصه المملة حول إحلال الأمن بالعراق؟ ألم تكفه قصصه التافهة حول أسلحة الدمار الشامل الموجودة في العراق والتي لم يعثر لها على أي أثر؟ ألا يجد حرجا من انكشاف أمره وبيان طمعه في النفط العراقي؟.وأي خطة أمنية يريد الرئيس أن يعززها مداهمة البيوت وانتهاك الأعراض والقتل العشوائي للمدنيين وقنبلة القرى و المداشر والأحياء, وتدعيم حكومة نوري الهالكي وبرنامجها الدموي الطائفي الصفوي.
لقد بدا لي بوش في هذه النقطة مثل ذلك المقامر الذي خسر ما في جيبه ولا يريد الانسحاب من الطاولة بل له رغبة ملحة في المواصلة ب 20000 جندي جديد ستزين يوما مطارات وموانئ ومقابر أمريكا بتوابيتهم, ويبدو أن الكونجرس الأمريكي قد تفطن أخيرا للنفطي المقامر ولهوسه برفضه الموافقة على إرسال جنود إضافيين الى جحيم المقاومة العراقية الباسلة التي لا ترض إلا بالمزيد من رؤوس السفلة كل يوم, وفي الوقت الذي ترغب فيه دول أخرى في سحب قواتها من المستنقع العراقي.
وفي الحقيقة هي فرصة أمام الأمريكيين من أجل وضع حد لهمجية النفطيين وجشعهم الذي لا ينته حتى ولو كان على حساب أشلاء البشر كما تؤكد استطلاعات للرأي وكشف استطلاع قام به “يو اس توداي” ومعهد “غالوب” الثلاثاء ان 61% من الأمريكيين الذي شملهم يعارضون إرسال مزيد من الجنود بينما يرى 47% ان هذه الخطوة لن تساهم في تحسين الوضع في العراق, وأفاد استطلاع آخر نشرت “سي بي اس” نتائجه ان 18% فقط من الأمريكيين يؤيدون زيادة عدد الجنود بينما يؤيد ثلاثون بالمئة خفض عديد القوات ويدعو 29% الى انسحابها من العراق. ويأمل 17% من الأمريكيين بان يبقى العدد الحالي بدون تغيير.
النقطة الخاصة بالنفط هي الإستراتيجية الحقيقة الجديدة فلا بد أن تكون مداخيل الشركات النفطية الأمريكية أعلى بكثير وأغلى من أرواح الجنود الأمريكيين الذين زج بهم من أجل مصالح شخصية, ولا بد من آلية سريعة لامتصاص أكبر قدر من الفائدة قبل أن يخسر كل شيء الحرب والنفط.
طبعا الإصلاحات السياسية مجرد أقراص لتسكين الألم, وإرضاء السنة بمنحهم أكثر مجال للتمثيل السياسي, وهي من ناحية المضمون شكلية في نقطة محاربة الطائفية والعنف كيف ذلك وأمريكا من عملت على خلق جو الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد في محاولة لتعطيل المقاومة وربح الوقت.
أما بالنسبة لملايير الدولارات المذكورة والموجهة لإعادة الإعمار فهي أموال عربية بحتة تساهم بعض الدول العربية.
أما منع المتطرفين المتدفقين من إيران وسورية فالمعني بهم طبعا المتطوعين في صفوف المقاومة العراقية فكل الحدود مفتوحة للمرتزقة والراغبين في استباحة دماء المسلمين والسنة في العراق, ففي الوقت الذي كانت فيه الخطابات السياسية تدعوا الى نزع سلاح المليشيات كان الشارع العراقي يعيش مراسيم الإعدام الجماعي والاغتصاب العلني للنساء والتمثيل بالجثث وتهديم المساجد وتحطيم المآذن وبهذا يكون نوري الهالكي قد أعطى الضوء لتطبيق المعاني الحقيقية للاستراتيجية الجديدة, التي افتتحت يوم العيد بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين إعداما طائفيا بحضور مقتدى الغدر وبهتافات صفوية خالصة.
الرئيس المقدس المرسول من طرف الرب لا بد أن يواصل من أجل الانتصار في حربه الخاسرة ولا بد أن يمتص أكبر كمية من النفط, ولا بد له أن يجذر الطائفية ويقضي على كل ماهو سني في العراق, المخلوق ليس مذنبا ما دامت ذلك هو وحي الرب الذي يأتيه كل صباح.