ولا مبالاة الشارع بالحدث

عبد العزيز بوتفليقة

عاد بوتفليقة الثلاثاء الماضي الى أرض الوطن بعد 82 يوما من العلاج في مستشفى فال دو غراس بفرنسا, ما أملك من تعليق حول هذا الحدث أولا ذهاب رئيس الجمهورية أحد شخصيات الثورة التحريرية البارزة للعلاج في فرنسا المستعمر الذي عاث فسادا في الجزائر مدة قرن وربع القرن, لو كان بومدين حيا لما فعلها ولن يفعلها زيغود يوسف والعربي بن مهيدي و الرجال الحقيقيين الذين بذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله وفي سبيل جزائر قوية ومستقلة, وكان حريا بالسيد الرئيس أن يفكر طيلة عهدته الرئاسية في انجاز مستشفيات تضاهي المستشفيات الأوروبية, وهل هذا بالأمر الصعب, والجزائر تحضن في خزينتها الملايير الممليرة من الدولارات, نملك كل الإمكانيات حتى يداوي المواطن الجزائري البسيط, والإطار السامي هنا في الجزائر, المال موجود, والإطارات الطبية الجزائرية المنتشرة في مستشفيات العالم كفيلة بأن تنجح مثل هذه المشاريع, كما يمكن حتى الاستعانة بالخبرات الأجنبية. مؤسف حقا أن نرى رئيسا للجزائر يداوي مدة 82 يوما كاملة في مستشفى فرنسي, ليس بمؤسف فحسب بل عيب, ولكن ذهاب الرئيس للعلاج في فرنسا يعكس العلاقات المتينة على كل المستويات التي تجمع النظامين الجزائري والفرنسي. المضحك في الحدث أن مرض السيد الرئيس كان لا حدث في الأوساط الشعبية, وذهابه الى فرنسا للعلاج وبقاؤه هناك 82 يوما كان اللا حدث أيضا, وحتى عودته الى أرض الوطن كانت اللا حدث, فالمواطن البسيط أصبح مخدرا بحاجاته الاجتماعية أكثر من أي شيئ آخر, وحتى أمام التلفاز يجد راحته في متابعة مباراة في كرة القدم أو فيلم “أكشن” أفضل من المرور على الحصص الإخبارية المليئة بالأحداث التي تؤثر في المعنويات وتثير الاستياء. الملاحظ أن الأمور سارت بصفة عادية هنا في الجزائر والسيد الرئيس غائب لمدة 82 يوما كاملة, يحدث هذا في الجزائر فقط, وأكاد أجزم أن الأمور بإمكانها أن تسير طبيعية بدون رئيس حتى, وكذلك يمكن لإدارة مثل الوزارة, والولاية, والدائرة, والبلدية أن تسير بدون مسئوليها بصفة عادية, ذلك أن كل من يوضع على هرم أي إدارة في الجزائر لا يملك كل الأدوات ليضع بصمته أو يغير في الأمور كما يريد, من رئيس الجمهورية الى رئيس البلدية. عاد رئيس الجمهورية إذن ونتمنى له الشفاء العاجل, عاد وهو غير قادر صحيا على إكمال مهمته كما في السابق, لكن أمور الدولة ستسير بصفة عادية الى غاية حلول موعد الانتخابات الرئاسية, والشعب عبر عن رأيه بلا مبالاته بالأشخاص أكثر من اهتمامه بضرورة الاستقرار, والابتعاد قدر المستطاع عن أي خطوة من شأنها أن تورط الشارع الجزائري بما أصاب بعض البلدان العربية من داء الربيع العربي المشئوم, وصدق الراحل هواري بومدين إذ قال أن الجزائر لا تزول بزوال الرجال, وقد نعدلها فنقول أنها لا تزول أيضا بمرض الرجال المزمن.

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

روابط ذات صلة

عودة الرئيس بوتفليقة إلى الجزائر لم تصنع الحدث

عودة بوتفليقة إلى الجزائر اثر انتهاء علاجه في فرنسا

عودة بوتفليقة للجزائر لم تنه الجدل حول صحته