تعكس مدى تدني الممارسة السياسية في الجزائر

قصر المرادية

الى غاية كتابتي لهذا المقال أطلعتنا وسائل الإعلام عن سحب 85 استمارة ترشح لمنصب رئيس الجمهورية من مصالح وزارة الداخلية بعد عشرة أيام فقط من إمضاء السيد الرئيس عن قرار استدعاء الهيئة الانتخابية, وأغلبية الأسماء التي سحبت الاستمارة هي أسماء من عامة الناس وغير معروفة كشخصيات سياسية أو حزبية, وسمعنا عن أعوان أمن, وبائعي الخضر, وتجار وموظفين, ومن الشخصيات التي ذاع صيتها على مواقع التواصل الاجتماعي شخصية تمتهن تجارة أثاث المطابخ, وصرح لوسائل الإعلام الجزائرية أنه رأى نفسه في ما يرى النائم أنه رئيس للجمهورية الجزائرية, كما تداول أكثر من 80 ألف شخص صورة فتاة جزائرية شابة مترشحة أيضا لمنصب الرئيس. فرق كبير في عدد الاستمارات التي سحبت في رئاسيات 2009 وعدد الاستمارات التي سحبت هذا الشهر حيث سحبت سنة 2009, 13 استمارة نجح ستة فقط في الوصول الى سباق الصناديق, وكنا نرى حينها أن العدد مبالغ فيه في وقت تترشح فيه شخصيتين على الأكثر في دول يقال عنها أنها عريقة في الديمقراطية والتداول على السلطة.

في الجزائر أصبحنا نرى ظاهرة غريبة وهي تهافت مواطنين دون أي مستوى علمي على المناصب السياسية بداية من الانتخابات البلدية والولائية, الى الانتخابات البرلمانية والجميع شاهد على مهزلة الكوطة التي خصصت للمرأة والتي جعلت من أعلى هيئة تشريعية هيئة تعج بالأميين, أميين في الجانب المدرسي والسياسي. يتهافت الجزائريون على المناصب السياسية بنفس الطريقة التي يتهافت بها الشباب على مصالح التشغيل, والفلاحون على برامج الدعم الفلاحي. وتتحمل السلطة مسؤوليتها في هذا الواقع الذي يليق بأن نسميه بالمسخرة أو المهزلة دون تردد, وهي التي تسعى الى ترسيخ تقاليد سياسية غير نزيهة, حيث نرى مرشحين يدفعون أموالا من أجل منصب رئيس بلدية, ويدفعون أموالا من أجل مقعد في البرلمان أو انتخابات مجلس الأمة, هذا الذي يدفع مالا من أجل المنصب لا يوجد في جعبته برنامج لحل مشاكل الناس فهو يدفع ليستثمر في أموره الشخصية ويستغل منصبه لقضاء مصالحه أولا وقبل كل شيء, الساحبون لاستمارة ترشح الرئاسيات أغلبهم على قناعة من أن جمع توقيع 600 عضو منتخب فى المجالس الشعبية البلدية والولائية أو البرلمانية وتكون موزعة عبر 25 ولاية على الأقل وان تعذر ذلك جمع 60 ألف توقيع فردي للناخبين عبر 25 ولاية على أن لا يقل عدد التوقيعات في الولاية الواحدة عن 1500 توقيع, ليس بالأمر السهل عمليا على خضار أو بائع أثاث أو عون أمن أو موظف, ولكنهم يسحبون استمارة بمبرر أنه حق دستوري من أجل تسليط بعض الأضواء على أسمائهم وصورهم, ولكن هناك شخصيات من طبقة رجال الأعمال يمكنها فعل ذلك فالتوقيع ليس بالمستحيل إن كان بمقابل مادي. منصب رئيس الجمهورية ليس للعب واللهو وكان من المفروض أن يحدد القانون الترشح لمختلف المناصب السياسية بالمرور عبر الأحزاب, وكفى من محاولات تمييع اللعبة السياسية بتشجيع النشاط السياسي خارج الإطار الحزبي, لكن مهما قيل فاللعبة السياسية في الجزائر مقفلة, يقفلها القانون في البداية وتقفلها الشكارة من بعد ثم يختمها حزب الإدارة بلمساته السحرية من خلال تغيير نتائج الصندوق في النهاية.

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

روابط ذات صلة

انطلاق عملية سحب الاستمارات الفردية الخاصة بالترشح للرئاسيات بالجزائر

الشروع في سحب استمارات التوقيع الفردية للترشح للرئاسيات المقبلة

هوس الترشح للرئاسيات يجتاح الجزائريين

85 شخصية سحبت استمارات الترشح لانتخابات 17 افريل 2014

صورة حسناء مرشحة للرئاسيات بالجزائر تصنع الحدث بالفايسبوك

ظاهرة اجتماعية أم آفة سياسية، أم مؤشر ديمقراطي؟