ونسخة مصادق عليها لخمس سنوات مقبلة

وتنطلق حملة انتخابية جديدة, وحملة من البشر تتصارع على الجدران وعلى الشوارع, من أجل إبلاغ صراخها الى المواطن المسكين لعلها تظفر بصوته, ولا تختلف عن صراخ المتسولين في بعض المواقف يبغي بصراخه وبكائه ولو بضع دنانير, ولا يسعنا ونحن نتابع مهازل الحملة الانتخابية الا أن نترحم على مصطلحي ديمقراطية و انتخاب, فالمصلحة الشخصية طغت للأسف على كل المواعيد الانتخابية, نقول ذلك عندما نرى أسماء تتجول في القوائم كما تتجول الفئران في المحاصيل الزراعية, فأسماء ترشحت خلال الانتخابات البرلمانية في قوائم أحزاب معينة, ثم أراها هذه المرة تترأس قوائم في أحزاب جديدة, وقوائم محشوة بأسماء لا علاقة لها بالسياسة, وحشو فرضه قانون الانتخابات من خلال تحديد عدد الأشخاص, ومن خلال نسب تواجد المرأة فيها, فلم تجد بعض القوائم من حل غير ملأ قوائمها بالمنحطين أخلاقيا, واعتمدت إسقاط صورهم من اللافتات حتى لا تفضح نفسها. مترشحون اعتمدوا في حملتهم الانتخابية على مالهم الخاص, فقاموا بكراء مقرات لحملتهم الانتخابية في أماكن تتوسط المدن بأثمان خيالية, زد على ذلك مصاريف المكلفين بفتح هذه المقرات واستقبال المواطنين فيها, ومصاريف الحملة الانتخابية بأكملها, وأجر المراقبين يوم الانتخاب. رحم الله الأوائل كانت تعرض عليهم المسؤولية على طبق من ذهب وكانوا يرفضونها خوفا من ثقلها وخوفا من الله, وكانت لا تعطى لمن يطلبها, لكن اليوم نرى أن طالبها لا يطلبها فقط بل يستثمر أمواله من أجل نيلها, ولا شيئ بعدها يثقل كاهله عن كيفية تعويض ما خسر في الحملة الانتخابية, فبالنسبة له نجاحه حققه بماله الخاص, ولا علاقة لمناضليه وللشعب بنجاحه, والمفروض الذي ينبغي أن يكون خلال هذه الحملات الانتخابية هو التطوع, ما دام الحزب صاحب فكرة, وما دام منخرطوه يؤمنون بأفكار حزبهم, ولكن للأسف لم تعد هناك أحزاب بل دكاكين تتاجر بالمواعيد الانتخابية, الا ما رحم ربك. من بين سلبيات هذه الحملة بل من كوارثها المستوى التعليمي للمترشحين, خاصة متصدري القوائم, الذين يملكون شهادات متواضعة ويتقدمون من أجل منصب في المجالس الشعبية البلدية والولائية, وهي مناصب لا تتطلب الشهادة فقط بل تتطلب اطلاع واسع حول واقع المنطقة, ومتطلباتها وتتطلب وضع برنامج قريب ومتوسط وبعيد المدى من أجل تنمية حقيقية, وهو ما جعل الشعب يضحك على الكثير من الذين تتقدموا في حملات متلفزة, وفي تجمعات شعبية, يضحكون على ركاكة لغتهم وأخطائهم الإملائية, ويضحكون من نكتهم التي تعدهم بالمسكن وبمنصب شغل, وبإصلاح الطرقات وبناء المشاريع, في حين أن البلدية والجميع يعرف كيف تسير, لا تملك الاستقلالية في انجاز المشاريع وتسيير الميزانيات, ويبدو أن نظامنا الموقر يدعم البقارة وصحاب الشكارة, في البرلمان وفي المجالس البلدية والولائية, لأنهم رغم جهلهم وأخطائهم الكارثية لا يشكلون مصدر إزعاج, ويسهل تمرير أي شيئ على عقولهم الجاهلة. وصدق من قال أن من مساوئ الديمقراطية أنها تجبرك على الإنصات ومشاهدة الإنسان الجاهل والتافه.

 مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية