المحرقة درس للفلسطينيين قبل كل شيء


فعلتها السياسة في فلسطين كما فعلتها في كثير من الدول العربية ودول العالم, وكان الأحرى بالعقل العربي في فلسطين أن يقدم المصلحة العامة والهدف الأسمى الذي يتمثل في تحرير فلسطين والقدس الشريف من أحفاد القردة والخنازير على صناديق الاقتراع والمناصب والسلطة والجاه وهل يقبل عقل رشيد أن تكون هناك ديمقراطية في بلد محتل يعيش بين وقت وآخر تحت النار وعلى وقع القنابل والجثث والدموع والأحزان وشتى أنواع المآسي. هل يقبل العقل والمنطق برلمانا وحكومة وخزينة تعيش على التسول وعلى أخبار فتح وغلق المعابر, وكم هي شبيهة السيادة الفلسطينية برئيسها وهيئاتها العليا بمنزل صغير يعيش داخل قارورة إسرائيلية, تقلبها كيف تشاء وان شاءت كسرتها بما فيها.
فعلتها إسرائيل وأنجزت محرقتها وقتلت وما القتل بخفي عن اليهود الذين سهل عليهم قتل الأنبياء بغير حق, وكيف يرضى بالسلام وحدود قليلة من بدل السلوى بالكثاء والحمص والعدس. يريدون الدم بدل السلام الذي لا نريده نحن أيضا لأنها أرضنا ولأنهم غزاة مغتصبون, ويريدون كل الأرض لهم بعد أن يحرقوها وأهلها وأنى لهم أن يفعلوا وما هي إلا نخوة يهودية عابرة ودائرة دار قطرها نحوهم ونسوا أن الدائرة لا تتوقف عن الحراك فاليوم لهم وغدا لنا وعندما وسيقترب القطر من جيل لن يرحمهم ولن يتردد في دفن صدورهم حتى وان حبست أنفاسها وراء الجدران والحجارة والأشجار.
فعلوا فعلتهم الدنيئة وبقيت دار لقمان في فلسطين على حالها ولا زال الاخوة في فرقة وعداء وربما يكون فلسطينيا في بقعة ما سعيدا بما يحصل في غزة وربما تكون أغلى الأماني أن تمحى حماس من خريطة غزة, ويا له من حالم لأن تحقق الأمنية ستدعوه الى تحضير قبره لأنه سيكون التالي, ويقول المثل عندنا في الجزائري إن رأيت جارك مستسلما بين يدي حلاقه فبلل رأسك والمعنى يعني أن الدور سيكون دورك, لا نريد لهذه الفرقة أن تدوم ولو يوما واحدا ولا بد من توحد الصف الفلسطيني ونبذ الخلافات وأرى والله أعلم أن الفرقاء اليوم إن لم تجمعهم هذه الأزمة وتوحدهم هذه المحرقة, فمتى سيفعلون؟
نريدها ثورة فلسطينية واحدة, نريده تجنيدا إجباريا لكل فلسطيني قادر على المقاومة, نريده تنظيما ثوريا جهاديا خارقا, على الطريقة الجزائرية, نريد للفلسطينيين أن يقتبسوا من ثورة الفاتح من نوفمبر, وأن يكونوا يدا واحدا تضرب العدو لأن العدو لن يرحمهم, وأن يموت الإنسان في ساحة الوغى شهيدا أفضل من يموت نائما أو جالسا في بيته.
ولتتوقف هذه المفاوضات, ولتتوقف أعين الجبناء عن النوم, وليكن يوم اليهودي أسوأ من أمسه, وليكن الغد كابوسا لا يفارقه لا في نومه وصحوه, ولا سبيل للحرية غير المقاومة, وليكف الفلسطيني عن حلم كاذب حلم الرد العربي والإسلامي, ويكفي ما فعله مبارك بالسماح لوزيرة الخارجية الإسرائيلية التي وعدت بتصفية المقاومة في غزة, وما فعله بغلق المعابر على الأحياء والأموات, ولكن التاريخ لا يرحم وسيرحل يوما على هذا العالم من الباب الضيق وستطرحه الكرامة العربية في حفرة حقيرة كما يطرح الجسم غائطه في الخلاء, فكم كانت كريهة مواقف هذا الرئيس العربي, فلا تكاد ترى صورته ولا تسمع صوته دون أن تشد أنفك بيدك.

وكم كانت مرة الفرقة الفلسطينية علينا جميعا, فلا تكاد تسمع أخبار المحرقة إلا وهي في حلقك وفي حواف لسانك تمنع عنك روعة الإحساس في رؤية ضربة فلسطينية موحدة لليهودي المجرم.

Tweet