القذافي والانتقالي يبيعان ليبيا للناتو

05 سبتمبر 2011
بواسطة في قضايا عربية مع (0) من التعليقات و332 مشاهدة

طرابلس تسقط والغرب يضمن أخيرا استثمارات المستقبل

على الطريقة التونسية والمصرية أرادها الليبيون ثورة من أجل تغيير أوضاعهم على مختلف المستويات, فقد ملوا من اللون الأخضر الذي فرض عليهم أربعين سنة كاملة, فالعلم أخضر والدستور كتاب أخضر, والأخضر خس, وخيار, ونعناع وحشيش, وطلاء عمارات, وكم تاقوا إلى رؤية ألوان جديدة في حياتهم اليومية والى ألوان جديدة من نمط العيش في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية, وكل مجال يعني الحياة اليومية للمواطن الليبي, الاحتجاجات بدأت سلمية وعفوية مطالبة بالتغيير ولكن المواطن الليبي حق عليه المثل القائل لمن تقرأ زبورك يا داوود ففي الضفة الأخرى أين يتربع القذافي على العرش يوجد عقل لا مكان فيه لقيلولة الطائر كما يقول المثل الجزائري, والحديث في بلاط الزعيم عن التغيير شبيه بالحديث عن الكفر والشرك والتمرد والعصيان الذي يستوجب فصل الرؤوس عن الأجساد, وشتى أنواع الوصف كالجرذان التي يجب مطاردتها وتصفيتها دار دار بيت بيت وشبر شبر, وهو ما لم يتردد في استخدامه القذافي حيث رد على مطالب شعبه بالحديد والنار والقتل, وفوت على نفسه وعلى ليبيا فرصة النجاة من الحرب أهلية فشل الجميع في استشراف تداعياتها الكارثية على الوطن, ما كان سيخسر القذافي لو منح حرية أكبر للمواطن الليبي وفتح أبواب التعددية وتدارك تأخره الفاحش في بناء دولة عصرية يساهم في بنائها كل الليبيين فالوطن وطنهم, وعلى الجميع المساهمة في بنائه وتطويره, الزعيم للأسف لم يستفد من التجربة التونسية والمصرية, فأوقعته نرجسية ملك ملوك إفريقيا, ونرجسية الزعامة الثورية, ونرجسية الرمز الذي يسطع دون أن يأفل في سماء ليبيا, فساهم في تسليم وطنه للناتو والغرب وخسر نفسه وعرشه وألقابه إلى الأبد, فالضغط الذي حاول أن يرهب به المحتجين انفجر ثورة مسلحة, وأصبح عنقه يسيل لعاب كل مسلح في ليبيا, وأسال لعاب من كانوا يتحينون الفرصة للخلاص منه, لم يكن هناك من حيلة للمعارضين غير الدفاع عن أنفسهم بالسلاح ورد همجية القذافي عن أنفسهم وعائلاتهم وكنت أتمنى لو واصل الليبيون المعركة لوحدهم دون اللجوء إلى التدخل الأجنبي والناتو, ولكن المعارضين كانوا كمن يحاول أن يتمسك بأي شيء من اجل النجاة, فاستنجدوا بالجيش الجزائري والجيوش العربية التي يستحيل أن تتحرك في صفهم, فلم يجدوا من حل غير الاستعانة بالناتو من أجل الصمود وربح معركة البقاء ضد القذافي مهما كان الثمن, خاصة وأن فرنسا وايطاليا والاتحاد الأوروبي ككل كانت له حسابات مع القذافي وقد حانت له الفرصة من أجل تصفيتها بقتل من تسبب لهم في كثير من المشاكل إن على المستوى السياسي والاقتصادي, كما استعانوا بالمحاربين القدماء في أفغانستان والقاعدة, وبالمقربين من القذافي الذين كانوا يتحينون الفرصة للانتقام منه والخروج عن سلطته, الناتو طبعا لم يساهم فقط بطائراته بل ميدانيا أيضا من خلال التواجد الدائم للمخابرات الفرنسية والعسكريين الفنيين الذين ساهموا في التخطيط للمعارك وكل الهجمات التي كانت تشن على المدن الليبية, حتى الشيطان لو عرض خدماته لكان محاربا في صفوف المعارضة, وبتضافر جهود المتحالفين سقطت طرابلس وانقلبت الآية أين أصبحت المعارضة هي التي تحكم والقذافي معارضا, وهاهي شمس الصباح تطلع على ليبيا وهي على صفيح ساخن, القذافي لم يسقط بعد, وجيوب مقاومته بقيادة ابنه سيف الإسلام لا زالت منتشرة هنا وهناك تتأهب لحرب عصابات وشوارع ومتفجرات, ولا زالت هناك تحديات تنتظر المجلس الانتقالي لتحقيق إجماع داخل صفوفه وتركيبته الغير متناسقة بين راديكالي علماني وإسلامي جهادي, وتحديات بناء مؤسسات الدولة المنهارة, والديون التي تنتظر الحكومة الليبية القادمة فالصواريخ التي سقطت فوق رؤوس الليبيين والتي قتلت منهم الآلاف ليست مجانية, فهناك مصادر كشفت عن فاتورة خيالية قدرتها بألف مليار دولار, والانتقالي أيضا أمام تحدي عدم اعتراف الجارة الجزائر بحجة مشاركة عناصر من القاعدة مع الثوار, وعدم اعتراف الاتحاد الإفريقي بقيادة جنوب إفريقيا بالمجلس, وأما تحدي الفلتان الأمني والتصفيات العرقية والجسدية والاغتيالات, الصورة قاتمة والجزء الواضح فيها هو استفادة الحلفاء من صفقات النفط في ليبيا بنسب هامة وخيالية بينما سينهمك الليبيون طويلا في تصفيه حساباتهم.

المجلس الانتقالي الآن يعيش فراغ رهيب فكريا حيث لا يملك أي صورة عن صيغة الدولة والدستور الذي يريد, صحيح أن الهم الكبير كان إسقاط القذافي, ولكن الهم الأكبر هو بناء ليبيا من جديد, لقد رأينا من خلال الصور ليبيون يقبلون العلم الأمريكي بينما آخرون يحرقون العلم الليبي الأخضر, كما شاهدنا وسمعنا من يسب ويشتم القذافي وآخرون يهتفون باسم ساركوزي, مشاهد وفراغ فكري واستحمار حضاري, جعلنا نلمس بأيدينا أن المعركة كانت معركة الناتو, والانتصار هو انتصار الدول الغربية المتعطشة للنفط الليبي, وللأسف الليبيون كانوا مجرد أداة تحقق بها اكبر استثمار للغربيين في ليبيا, والقذافي والانتقالي معا وفرا الظروف لهذا الاستعمار الجديد, ما نخافه أن يكون الانتقاليون أداة الغرب من أجل إسقاط مشروع الاتحاد المغاربي والاتحاد الإفريقي, وأن يكونوا عينا لهم في المنطقة, وأن تكون الأراضي الليبية مرتعا للقواعد العسكرية, فالموقع استراتيجي فمصر في الشرق والجزائر في الغرب, وكل إفريقيا في الجنوب, ليبيا الآن نسخة من التجربة الأفغانية والعراقية, وهذا الاستعمار لن يدفع ثمنه الليبيون فقط بل الجزائر وكل العرب الذين فضلوا السكوت والحياد, ما آلت إليه الأمور في ليبيا ستبقى وصمة عار في جبين القذافي وبطانته وفي جبين الانتقالي وكل العرب, وما زالت رحم الأحداث في ليبيا تحمل الكثير من المفاجآت للعالم في انتظار ما ستنشره لنا الخلافات على مختلف الأصعدة من غسيل والتي ستكون كفيلة للمتابع للوضع في ليبيا من فهم حقيقة ما حدث وما يحدث الآن. ولكنها في النهاية تجربة ستكون مريرة على كل الليبيين لكنها ستمنح لهم في المستقبل النضج اللازم, وستكون رحما لأفكار جديدة أصيلة ستعمل على تخليص ليبيا من هذا الاستعمار الجديد, ولما لا ثورة أخرى جديدة تعيد الشعب الليبي إلى المنبع الأصيل الذي نهل منه عمر المختار.

Tweet
1617649
Thanks!
An error occurred!
الاوسمة: , ليبيا

كتب بواسطة :

Retweet

انشر الموضوع

RSS Digg Twitter StumbleUpon Delicious Technorati facebook reddit linkedin Google

أضف تعليق