القمار الدعوي

18 مايو 2012
بواسطة في قضايا وطنية مع (0) من التعليقات و116 مشاهدة

أو عندما تمارس الحركات الإسلامية القمار السياسي

تكتلت الأحزاب الإسلامية الجزائرية ممثلة في حركة مجتمع السلم, وحركة النهضة, وحركة الإصلاح الوطني, في بوتقة واحدة وانصهرت قبل الانتخابات التشريعية حتى اخضرت, وأطلقت على نفسها اسم تكتل الجزائر الخضراء, وخاضت الانتخابات التي جاءت نتائجها على غير ما كان متوقعا, فالأحزاب حصلت وهي فرادى في انتخابات 2007 على نتائج أفضل مما حصلت عليه بعد أن تكتلت, ففي 2007 حصلت حماس لوحدها على 52 مقعدا, بينما حصلت حركة النهضة على 5 مقاعد, وحركة الإصلاح على 3 مقاعد, أي بلغة التكتل 60 مقعدا للأحزاب الثلاث, بينما كان الحصاد قليلا في انتخابات 2012, حيث حصلت الأحزاب وهي متحدة ومتكتلة على 47 مقعدا فقط, وهو ما خالف القاعدة الذهبية التي تقول ” في الاتحاد قوة “, ويجعلنا هذا نستنتج عفويا بأن القوة لم تحصل لتهلهل الاتحاد أو التكتل الذي جاء ظرفيا لأن الأحداث من صنعته, فزعماء الأحزاب الثلاث اعتقدوا أن ريح الربيع العربي التي هبت على انتخابات تونس والمغرب, والتي هبت عاصفة على ليبيا واليمن ومصر, وأفرزت انتصار الإسلاميين وبروزهم, ستحط رحالها بالجزائر, وبالتالي فالفرصة مواتية للتكتل والظهور بمظهر العملاق في الانتخابات التشريعية, وهي الخطة التي لم تنجح لعدة اعتبارات, أولها أن الشارع الجزائري لم يكن مهتما بالربيع العربي, ولم يكن متحمسا لتجربة جديدة بعد تجربة الخامس أكتوبر 88, وتجربة العشرية التسعينية السوداء, وغير مستعد لمساندة أي طرف يتغنى بهذه الأغنية, وهو ما تجسد عندما فشل سعيد سعدي ومشتقاته في وقفات السبت الفاشلة, التكتل تحدث بلغة سعيد سعدي ولكن بكلمات وألحان مغايرة, معتقدا أن براعم الربيع الجزائري ستخرج من صندوق الانتخابات الزجاجي, وبالتالي أعتقد أن لغة التكتل كانت بعيدة عن ما يطلبه المستمعون المنتخبون, وحتى تسمية التكتل لم يكن لها ذلك البعد الجماهيري لأنها تسمية أكاديمية لا تصلح الا لمخاطبة فئة معينة من المجتمع, هذا من جهة, من جهة أخرى التكتل غير مقنع لأنه لم يجمع أحزاب كبرى على الساحة, فحماس تكتلت مع أحزاب ضعيفة, والدليل نتائجها في انتخابات 2007 المتواضعة, حتى حماس مسها الضعف عندما انشطرت الى نصفين وغرد أنصار مناصرة خارج سربها, ومسها الضعف عندما خرجت من التحالف الرئاسي, وخسرت تعاطف الآلة الإدارية التي تسير الانتخابات, فكان بحق تكتل الضعفاء, فالرهان على عنوان التكتل, وأحداث الربيع العربي, كان رهانا خاسرا, ويحق لنا أن نصنفه في خانة القمار السياسي. التكتل لم يكن قويا بما يكفي, وجذوره لم تكن عميقة في الأرض, والقاعدة لم يشملها الحماس الذي ميز القمة, وأقصد أن التكتل هو مجرد تكتل انتخابي, ولم تكن الوحدة من أجل بناء عمل مشترك تتوحد فيه الرؤى ومضبوط برزنامة زمنية, ويعمل على مدى معين. شخصيا شاهدت كيف كان التكتل غائبا في الدائرة الانتخابية التي أنتمي إليها, لا تجمعات ولا خرجات ميدانية, حتى الملصقات كانت محتشمة, ولم تقسم أي وثائق تعرف بأهداف التكتل وبرنامجه, بينما في المقابل نافسته شخصيات معروفة محليا, استعملت الأحزاب الجديدة كمنصة للترشح ونجحت في حصد أفضل النتائج, فالتعبئة كانت غائبة حتى داخل التكتل وفاقد الشيء لا يعطيه, فالذي لم يستطع أن يعبأ قواعده بالشكل الصحيح لا يمكنه أن يعبأ الشارع, وخلاصة القول أن التكتل دخل الانتخابات بنفس الطريقة التي يدخلها مريد القمار في الأسواق, ثم يختار حلقة يدير لعبتها خبيث. على أحزاب التكتل أن لا تحاول الهرب للأمام, وان كان النظام مزورا بالفطرة, فإنها أيضا تسببت في النكسة, وان كانت تفكر في حل الانسحاب, فعليها أيضا أن تكون موضوعية وواقعية وتضع عيوبها على الطاولة, وتشمر على الساعد من أجل إحياء العمل الدعوي والإصلاحي في المجتمع, فالعاطفة الإسلامية التي كانت متوهجة في الشعب الجزائري بداية التعددية, لم تعد موجودة الآن, والرهان على المعنويات في الاستحقاقات الانتخابية رهان خاسر.

Tweet
الاوسمة: , الانتخابات الجزائرية

كتب بواسطة :

0 Retweet

انشر الموضوع

RSS Digg Twitter StumbleUpon Delicious Technorati facebook reddit linkedin Google

أضف تعليق

Social Widgets powered by AB-WebLog.com.

WordPress SEO fine-tune by Meta SEO Pack from Poradnik Webmastera