المناظر أول كتاب يعالج موضوع البصريات

عندما أطلت الحضارة الإسلامية على العالم بعلمائها لم يكن علم البصريات قد رأى النور بعد فقد كانت اليونان والإغريق يعتمدون على نظريات مستوحاة من الخيال وليس لها بعالم التجربة أية صلة.
إطلالة علماء العرب على هذا العلم بدأت بين يدي أبو يوسف الكندي (185-256 هـ / 805-873م),  الذي يعد من أول علماء العرب والمسلمين الذي تطرق بالتجربة والدراسة للعلوم الطبيعية, وكان كتابه علم المناظر أول كتاب يعالج الظواهر الضوئية, وهو أول كتاب عربي في ميدان البصريات. فقد أخذ بنظرية الانبعاث الإغريقية، إلا أنه أضاف وصفاً دقيقاً لمبدأ الإشعاع، وصاغ من خلال ذلك أساس نظام تصوري جديد يحل في نهاية الأمر محل نظرية الانبعاث، وكان للكتاب صدى كبير خلال العصور الوسطى.
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن الأشعث بن قيس الكندي عاش في الكوفة، وتوفي والده وتركه صغيرا مع إخوته ووالدته، فأتم حفظ القرآن الكريم و هو في الخامسة عشر من عمره، ثم سافر بصحبة والدته إلي البصرة للاستزادة من العلم، ثم انتقل إلى بغداد التي كانت في العصر العباسي زاخرة بالعلم والعلماء والمكتبات حيث كانت مكتبة بيت الحكمة التي أنشأها هارون الرشيد مقصده، يقرأ الكتب المترجمة عن اليونانية والفارسية والهندية، وبدأ بدراسة اللغتين السريانية واليونانية حتى تمكن من إتقانهما، بعدها بدأ في تأسيس مدرسة في الترجمة، وأنشأ في بيته مكتبة ضخمة، صار الناس يقصدون بيته للتعلم ومكتبته للمطالعة، وسارت شهرته في البلاد عندما كان عمرة خمسة وعشرين عاما فقط.
ليأتي بعده ابن الهيثم  (354هـ- 965م / 430هـ – 1038م) حيث واصل
المسيرة وقام بمناقشة نظريات إقليدس وبطليموس في مجال البصريات
وفي كتابه كتاب المناظر صحح ابن الهيثم النظريات القديمة عن الضوء والإبصار, وبين أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس, و تطرق في كتابه إلى ظاهرة انعكاس وانحراف الضوء, وبحث في موضوع العدسات الذي كان الأساس في استخدام العدسات المصححة للبصر. كما شرح العين شرحا كاملا وبين وظيفة كل قسم منها وشرح كيف تتكون الصورة فيها
هو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم ولد في البصرة وجاء في أخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم (لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص) فوصل قوله إلى حاكم مصر فدعاه إلى مصر وكلفه بما وعد بانجازه فاعتذر إلى حاكم مصر فقبل اعتذاره وخشي أن يكيد به وتظاهر بالجنون والبله والعته وظل على هذه الحالة حتى تُوفي الحاكم بأمر الله، فعاد إلى الظهور  واعتكف قبة على باب جامع الأزهر بالقاهرة مؤلفا ومحققا وباحثا. ومن أهم الإنجازات انه أول من أجرى تجارب البيت المظلم أو الخزانة المظلمة واكتشف منها أن صورة الشيء تظهر مقلوبة داخل هذه الخزانة فمهد بهذا الطريق إلى ابتكار آلة التصوير.
وجاء بعد ذلك البيروني التي كانت له إسهامات في مجال البصريات وهو من قال بأن الضوء أسرع من الصوت (362هـ- 973م / 441هـ – 1048م).
هو أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي ” البيروني”، ويأتي لفظ بيرون من الفارسية ويعني “ظاهر” أو “خارج” ، ولد في مدينة كاث عاصمة خوارزم. عرف عن البيروني منذ الصغر حبه للرياضيات والفلك والجغرافيا وتعلم على يد بن علي بن عراق (1) وهو أحد أمراء أسرة بني عراق الحاكمة لخوارزم وكان عالماً مشهوراً في الرياضيات والفلك، كما أتقن عدد من اللغات كالفارسية والعربية والسريانية واليونانية.
كمال الدين أبو الحسن الفارسي (633هـ- 1233م / 720هـ – 1320م), ولد بمدينة شيراز لذا يلقب بالشيرازي أيضا. تلقى مبادئ علم الطب عن أبيه، وتتلمذ على يد العالم قطب الدين الشيرازي (2) أشهر علماء المسلمين في القرن السابع الهجري و العالم نصير الدين الطوسي الفلكي الرياضي المشهور.
اهتم كمال الدين بعلم الضوء والبصريات وكانت له فرصة الاطلاع على النسخة الأصلية  لكتاب المناظر لابن الهيثم وقد أعجب كثيرا بمحتويات الكتاب العلمية وعمل على دراسته وتنقيحه وتقديمه منقحا لطلاب العلم في كتاب أسماه “تنقيح المناظر لذوي الإبصار والبصائر”..
ومن أهم إنجازات كمال الدين الفارسي دراسته لكيفية انعكاس الضوء والإبصار وتفسير بعض مظاهر الخداع البصري، حين صبغ وجه حجر الطاحون بعدة ألوان وأداره بسرعة فوجد أنه لا يظهر إلا لون واحد، لامتزاج الألوان.  وقد طور كمال الدين الفارسي نظرية قوس قزح ووضع لها الشكل النهائي وقد أضاف الفارسي بنظريته إضافة علمية جديدة لعلم الضوء لم يسبقه إليها ابن الهيثم وسبق بنظريته هذه بحوث ديكارت ونيونين عن قوس قزح. وكمال الدين الفارسي هو أول مَن تكلم عن نظرية الضوء الموجية.

هوامش
(1) هو أبو نصر منصور بن علي بن عراق، رياضي وفلكي من أهل خوارزم، وكان من أساتذة أبي الريحان البيروني. لا نكاد نعرف من حياته سوى أنه رافق البيروني إلى غزنة سنة 408 هـ وأرسل إليه بضع عشرة رسالة، وقد توفي في حدود السنة 425 هـ. من مؤلفاته: (المجسطي الشاهي) و (الدوائر التي تحد الساعات الزمانية).
(2) هو قطب الدين محمد بن ضياء الدين بن مصلح الدين الفارسي الشيرازي, قاض ومفسر وعالم بالطبيعيات ولد في مدينة شيراز ببلاد فارس عام 634 هجرية 1310 ميلادية وتوفي 710 هجرية 1236 ميلادية.

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية
• موقع الإسلام.
• موقع باب المقال.
• موقع الشبكة الإسلامية.
• شبكة الأخبار العربية.
• وكيبيديا الموسوعة الحرة النسخة العربية.
• موقع يا بيروت.