صناعة الدمى في العالم

الحديث عن اللعب واللعب, مقترن مباشرة مع الطفل, وعفويا يمكن القول أن أول طفل في الكون مارس اللعب, ومارسه كل أطفال التاريخ والكرة الأرضية من بعده, لكن الدراسات التاريخية تؤرخ للفراعنة كأول حضارة اهتمت بلعب الأطفال, فقد وجدت في مقابر الفراعنة حوالي 2000 سنة قبل الميلاد نقوش ورسوم تمثل مختلف الألعاب التي كان يمارسها الأطفال في الأحياء الشعبية, ومن هذه اللّعب حصان خشبي بعجلات وعروس خشبية مستقيمة الساقين تحمل فوق ذراعيها المفرودتين بطة ذات رأس متحرك وكرات مصنوعة من ورق البردى والجلود ودمية خشبية, استخدمت فيها النقوش والخيوط، إضافة الى ذئب مصنوع من الخشب حيث يمكن تحريك فكه الأسفل فتحا وغلقا من خلال خيط صاعد من الفك الأعلى الى الرأس, ويذكر أن هذه اللعبة استخدمت في مسرح العرائس في مصر القديمة, الكثير من لعب الأطفال وجدت في مقابر الفراعنة, وهي لعب مصنوعة من الفخار, والخشب, والشمع, والعاج, وحجر اليشم. ابتداء من القرن الخامس قبل الميلاد ظهرت الدمى بأعضاء متحركة, ونقصد اليدين والرجلين, بمفاصل لليدين والركبتين, وهذا النوع من الدمى كان يباع بكثرة في حوض البحر الأبيض المتوسط من طرف تجار الخزف. عرف الصينيون واليونانيون الأوائل صناعة الدمى أيضا, وكانت شخصيات الدمى تعبر عن شخصيات من المجتمع, مثل الراقصات, والكوميديين, والجنود, كما كانت أداة لها علاقة بالدين والسحر. عند الرومان, وفي المهد الدمى تكرس للآلهة باخوس Bacchus آلهة النبيذ والسكر, وفي القبور مكرسة للآلهة الجهنمية, وهي دمى مصنوعة من العاج أو العظام أو الخشب الصلب, وعند الزواج تعهد العذراء دميتها لكوكب الزهرة, وعندما ترزق بطفل تعلق صورة رضيعها في شكل دمية في المعبد.

بعد هذه العصور شحت المعلومات بخصوص تاريخ الدمى, الى غاية القرن الثالث عشر, أين وجدت دمى بستراسبورغ, وهي دمى خزفية, تمثل سيدات وفرسانا. في القرن السادس عشر ظهرت حرفة صناعة الدمى من أجل أطفال الطبقة الأرستقراطية, وهي دمى مصنوعة من الخشب والقماش, وعرفت مدينتي نورمبرغ, وهامبورغ كمركزين لتصنيع دمى خشب البقس, وفي باريس تخصص صانعوا الحلي في صناعة دمى جميلة وبألبسة وأزياء مختلفة. سنة 1540 م وجدت وثائق تشير الى طريقة لصناعة الدمى من خليط من تراب وورق وجبس. ابتداء من القرن السابع عشر والثامن عشر بدأت تظهر دمى أكثر أناقة, مصنوعة من الجلد, و بأعين زجاجية, وشعر ملون. سنة 1700 م, في نورمبرغ, خضع مصنعو الدمى الى قوانين صارمة, وصنعت الدمى من الورق المقوى فقط, وعمل محترفو الأزياء الى نشر الموضة الباريسية عن طريق صناعة الدمى. مع بداية القرن التاسع عشر انتقلت صناعة الدمى من يد الحرفيين الى المصانع, وظهرت دمى أكثر واقعية بشعر مصبوغ وأزياء, وأعين ملونة, ورقبة متحركة. أول براءة لصناعة رؤوس الدمى من الخزف الصيني كانت سنة 1843 م, من طرف الخزفي جاكوب بيتي (1) Jacob-Petit .سنة 1878 م, وفي معرض عالمي في باريس, ظهر نوع جديد من الدمى, سميت بالرضيع ” le bébé “, برأس مصنوعة من البسكويت. سنة 1899 م اتحد مصنعو الدمى الفرنسيون في شركة واحدة سميت بالشركة الفرنسية لصناعة اللعب, من أجل منافسة الشركات الأجنبية خاصة الألمانية, وتم تصنيع مجموعة من الدمى في حجم الطفل في مختلف مراحله, واستخدمت مواد جديدة ومتنوعة في تصنيع هذا النوع من الدمى.

في القرن العشرين انتشرت صناعة الدمى من مختلف المواد, خاصة البلاستيك الذي أصبح المكون الأكثر استخداما في هذه الصناعة, وبدأت تظهر شعبية الدمى, كالدمية بيلا ” Bella ” التي اشتهرت في الفترة ما بين 1946 – 1986 م. سنة 1959 م ظهرت الدمية باربي Barbie لأول مرة, من طرف شركة متال ” Mattel Inc”, وهي شركة أمريكية متخصصة في صناعة الدمى أسست سنة 1945 م, من طرف هارولد ماتسن (2) Harold Matson و اليو هاندلر (3) Elliot Handler , واسم الشركة هو عبارة عن جمع للأحرف الأولى لهذين المؤسسين, وشهدت هذه الدمية رواجا منقطع النظير, حيث باعت الشركة بحلول سنة 1997 م, مليار دمية, وبحلول سنة 2009 م, ورغم تراجع شعبية الدمية, الا أن الشركة لمست رقم أعمال قدر بمليار أورو. عربيا, حاول العرب منافسة الدمية باربي, بالدمية فلة, وهي دمية عربية إسلامية, ظهرت لأول مرة في السوق السورية سنة 2003, وعرضت في السوق العالمية من طرف شركة NewBoy Design Studio, وبيعت منها بحلول سنة 2006, 2 مليون دمية, الدمية فلة كانت لها أهداف أخلاقية نبيلة لتشجيع بنات العالم العربي والإسلامي على ارتداء الحجاب, وأثارت في بعض البلدان العربية العلمانية الكثير من الجدل, كما حدث في تونس في عهد نظام الزين, الذي منع تسويق هذه اللعبة التي كانت تشجع الفتيات على ارتداء الحجاب. وكانت الدمية فلة بهذا قد أبانت عن مدى أهمية اللعبة في صناعة شخصية الطفل, والمساهمة في تربيته أخلاقيا وفكريا.

هوامش

(1) 1796 – 1868 م

(2) ولا معلومة في الشبكة حول هذه الشخصية.

(3) 1916 – 2011 م

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

ويكيبيديا الموسوعة الحرة النسخة الفرنسية

موقع دمى ماري لين

موقع ايلاف

موقع الدمية بيلا