مدخل

المَسْرَحُ، في لسان العرب بفتح الميم: مَرْعَى السَّرْح، وجمعه المَسارِحُ؛ ومنه قوله: إِذا عاد المَسارِحُ كالسِّباحِ وفي حديث أُم زرع: له إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ؛ هو جمع مَسْرَح، وهو الموضع الذي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قيل: تصفه بكثرة الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ ولا تَسْرَحُ في المراعي البعيدة، ولكنها باركة بفِنائه ليُقَرِّب للضِّيفان من لبنها ولحمها، خوفاً من أَن ينزل به ضيفٌ، وهي بعيدة عازبة؛ وقيل: معناه أَن إَبله كثيرة في حال بروكها، فإِذا سَرَحت كانت قليلة لكثرة ما نُحِرَ منها في مَباركها للأَضياف؛ ومنه حديث جرير: لا يَعْزُب سارِحُها أَي لا يَبْعُدُ ما يَسْرَحُ منها إِذا غَدَت للمرعى.

والسارحُ: يكون اسماً للراعي الذي يَسْرَحُ الإِبل، ويكون اسماً للقوم الذين لهم السَّرْحُ كالحاضِرِ والسَّامِر وهما جميعٌ.

وهناك من حاول أن يسقط هذا التعريف اللغوي على التعريف الاصطلاحي بالقول بأن الركح هو المرعى, والعرض الذي يعرض فوقه هو السرح أي الغذاء, والراعي هو الممثل الذي يسعى الحفاظ على رعيته والحرص على جودة الغذاء أي العمل المسرحي, غير أني من خلال بحث في المعاجم العربية وجدت أن كلمة هذا الشرح لا يتوافق مع المعنى الاصطلاحي له, فالأقرب الى الاصطلاح السرح, جاء في لسان العرب: ” وسَرَّحَ عنه فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضاق شيءٌ فَفَرَّجْتَ عنه، قلت: سَرَّحْتُ عنه تسريحاً؛ قال العجاج: وسَرَّحَتْ عنه “, وكأن المعنى هنا يتحدث عن الجمهور الذي نفرج عنه ونخرجه من روتين النشاط اليومي, بما يقدمه الممثلون على الركح, جاء في لسان العرب أيضا ” ويقال: تَسَرَّحَ فلانٌ من هذا الكان إِذا ذهب وخرج, وسَرَحْتُ ما في صدري سَرْحاً أَي أَخرجته, وسمي السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسَْحُ فيخرُجُ…..والاسم السِّراحُ، مثل التبليغ والبلاغ, وكل ما في هذه المعاني موجود فيما يعرف بالمسرح اليوم, فالممثل يدخل ويخرج من الركح, ويخرج ما في صدره ليبلغه للناس فالتمثيل على الركح تبليغ لرسالة معينة يريد أن يوصلها للجمهور أو أولياء الأمر, والجمهور بدوره يخرج من ما في خاطره من خلال تفاعله مع مختلف فصول المسرحية. أما كلمة مسرحية وهي التي تعني العرض الذي يقدم على الركح فلا وجود لها في اللغة العربية, والشرح المتوفر في كثير من القواميس والمعاجم هو شرح عصري للمصلح, في المعجم الوسيط المسرحية هي قصة مُعَدَّة للتمثيل على المسرح, وهو نفس الشرح في كثير من القواميس. ولفن المسرح مسميات أخرى فهو يسمى أيضا بأبي الفنون لأنه يجمع الكثير من الفنون كالشعر والرواية والقصة والغناء والإنشاد, والأزياء والديكور, التمثيل ..الخ

والمسرح لا يعني المسرحية, وهو كعلاقة العام بالخاص, فالمسرح شكل فني عام, قد يكون محتواه سيركا مثلا, أما المسرحية فهي نص مسرحي ترجمت الى عرض تمثيلي يقدمه مجموعة من الممثلين على الركح, وللعرض المسرحي تعريفه الخاص أيضا فهو فن من فنون المسرح ويتطلب الكثير من الإمكانيات المادية والبشرية والفنية, من مؤلف للنص, وممثلين من الجنسين, ومخرج للنص, وديكور وأزياء, وإضاءة, ومؤثرات صوتية.

للمسرح معنى المكان الذي يتم فيه مشاهدة فنونه, يوجد المسرح النثري والذي يتميز بإمكانيات متواضعة, وهو لا يتسع لعدد كبير من الممثلين, ولا يستوعب الا العروض البسيطة, على خلاف مسرح العرض أو الأوبيرا الذي يمتاز باتساع المساحة, وبإمكانيات ضخمة لإدخال لمسات فنية على العرض المسرحي مثل المؤثرات الصوتية والضوئية ويمكن حتى إدخال حيوانات في العرض مثل الأحصنة, أو إدخال عربات ومركبات. وهناك مسرح الهواء الطلق ويمكن حسب تصميم هذا النوع من المسارح أن يكون موجها للمسرح النثري أو للأوبيرا, ولكن حسب ما هو متعارف عليه الآن فان أغلب مسارح الهواء الطلق تقتصر نشاطاتها على الحفلات الغنائية فقط. تشترك كل أنواع المسارح في تركيبتها, حيث تتكون جميعا من مساحة مخصصة للجمهور وهي التي تسمى بقاعة الجمهور, مساحة مخصصة للعروض المسرحية وهي التي تسمى بالركح أو خشبة المسرح, مساحة مخصصة للكواليس وتحضير دخول وخروج الممثلين من وإلى الخشبة

أما المسرحية فهي نوعان, المسرحية المأساة أو المسرحية الملهاة, وهذا التعريف جعلني أخيرا أجد تفسيرا للصورة التي تصحب الإعلانات المسرحية, والتي يوجد فيه صورة لقناعين أحدهما يضحك والآخر حزين, المسرحية المأساة هي مسرحية شعرية تطرح مشكلة تاريخية إنسانية, تنتهي بفاجعة وحزن الغرض منها الاستفادة والعبرة, أما المسرحية الملهاة مسرحية خفيفة كوميدية الغرض منها دراسة ظاهرة من ظواهر المجتمع, أو حقبة من حقب التاريخ أو نظرية من نظريات الفكر الإنساني أبطالها عاديون ولها نهاية مبهجة.

يتكون العمل المسرحي من ثلاث مراحل, المرحلة الأولى وهي المقدمة يقدم فيها مخرج النص المسرحي فكرة عامة عن عمله لتهيئة المتفرج لباقي أجزاء المسرحية بطريقة ذكية ومشوقة, المرحلة الثانية وهي عقدة النص المسرحي, وهي المرحلة التي تتشابك فيها خيوط القصة المسرحية وتجعل الجمهور دائم التفاعل والتساؤل وهنا تظهر حنكة المخرج وصاحب النص في طريقة العرض ومدى فعالية النص المسرحي في إيصال رسالة النص, حيث تعتبر المسرحية من أخطر الألوان الأدبية تأثيرا على المتلقي, المرحلة الثالثة والأخيرة من المسرحية وهي الحل ويجب أن تكون غير متوقعة كما يمكن للمخرج أن يقدم للحل في خاتمة مسرحيته ويترك للجمهور اقتراح الحل حسب ما شاهده من مراحل سابقة. للمخرج إمكانية تقسيم المراحل السابقة الى فصول, وتقسيم الفصول الى مشاهد. من أهم عناصر المسرحية ما يسمى بالحوار المسرحي الذي يتميز بالدقة والاختصار ويبتعد عن الثرثرة والتكرار حتى يخيل إليك أن كل ما يتلفظ به الممثل على الخشبة آت من ينبوع الحكمة, وهنا دور كبير في اختيار الشخصيات والأصوات, والمؤثرات, والديكور و زي الممثل والحركة المناسبة مع كل نص, ويعتبر أي اختلال في هذه العناصر تشويه للصورة الفنية في ذهن المتلقي.

المراجع

الصورة مأخوذة من هذه الصفحة

المعاجم العربية

 موقع جامعة الملك سعود

منتديات برامج نت

منتديات كنوز الجزائر

منتديات المسرح