مسرح الطفل في الوطن العربي

المراجع على شبكة الانترنت فقيرة المضمون فيما يخص تاريخ مسرح الطفل في العالم العربي, وان دل هذا على شيئ دل على قلة اهتمام الأقلام العربية بهذا النوع من الفنون, ولو كان هذا النوع من الفن مزدهرا في أوطاننا العربية لعجت به وبجديده المواقع والمنتديات. مسرح الطفل قديم في الوطن العربي, مسرح خيال الظل كان أول ما عرفه الطفل العربي قديما في مصر والعراق التي برز فيها ابن دانيال الموصلي (1) حيث برع في تأليف الكثير من التمثيليات التي تصور الحياة اليومية للعمال والتجار والأجانب, ترعرع ابن دانيال في الموصل وحفظ القرآن الكريم وأكمل دراسته حتى سن التاسعة عشر, ثم هاجر الى مصر مع كثير من مفكري وعلماء بغداد بعد هجوم التتار بقيادة هولاكو الذي عاث فسادا في مكتباتها وعلمائها, برع ابن دانيال في مسرح الظل فكان المؤلف لقصة المسرحية ويكتب حوارها ويعين أزياءها وينظم أصواتها, ويشترك بنفسه في أداء أدوارها, انتعش فن ابن دانيال في عصره لأن المصريين في العصر المملوكي عرفوا بأهل طرب ولهو كما وصفهم الرحالة ابن بطوطة أثناء زيارته لمصر في هذا العصر, اشتهر ابن دانيال وذاع صيته وصار ممن يترددون على الملوك والشخصيات الراقية لعرض أعماله حتى أصبح له راتب من الديوان. فقدت أغلب أعمال ابن دانيال ولم يتبق منها الا ثلاث, خيال الطيف, عجيب وغريب, والمتيم والضائع اليتيم. عاصر ابن دانيال أكبر سلاطين دولة المماليك وهم , الظاهر بيبرس، والمنصور قلاوون، والأشرف خليل، والناصر محمد بن قلاوون في الفترة ما بين 1267 – 1311 م. لكن الاهتمام بالمسرح بصفة عامة ومسرح الطفل بصفة خاصة لم يلق الاهتمام اللازم الى مع أواخر القرن التاسع عشر, حيث تم إدخال مسرح الطفل الى المدارس لأول مرة على يد عبد الله النديم (2) عام 1879 م, حيث اهتم بتدريب الطلبة على التمثيل واهتم بمعالجة الآفات الاجتماعية. يعتبر الأستاذ محمود مراد (3) أول من أنشأ المسرح المدرسي في مدرسة الخديوية عام 1922 م ، وكان للمسرح آثاره المميزة في انتشار الوعي بين طلاب المدارس, له عدة مسرحيات منها زهراب ورستم، والأساس فالبناء، والجزاء الحق، والابن الضال، وما وراء الستار، ومجد رمسيس، وتوت عنخ آمون, وفي سنة 1939 م تطور ما يعرف بتفتيش التمثيل المسرحي وأنشأت بدائرة المعارف المصرية دائرة خاصة بذلك, وتم تعيين زكى طليمات (4) كأول مشرف على هذه الدائرة, والذي خطا خطوة هامة بالمسح المدرسي حيث اهتم بتدريسه على نطاق واسع, واختار لذلك دور العلوم والمدارس التي تتخصص بتخريج الممثلين, وفى عام1957 م تم انشاء المسرح المدرسي للبنات ، و كان هدفه تعليمي تربوي بالدرجة الأولى، وأقيم أول تدريب فى جويلية 1957 م حضرته 50 مدرسة ابتدائية، وفى أكتوبر 1958 م بدا التفكير فى خدمة المنهج الدراسي ، حيث أنشأت إدارة للتربية المسرحية بديوان وزارة التربية والتعليم ، والذي أشرف على كل ما يهم المسرح التربوي.

في السعودية يؤرخ لمسرح الطفل بداية من سنة 1928 م حيث أقيم أول حفل مسرحي بالمدرسة الأهلية بعنيزة وكان الحفل بمناسبة نهاية العام الدراسي وقدمت فيه أول مسرحية بعنوان بين جاهل ومتعلم وهي عبارة عن مناظرة بين العلم والجهل, نفس المدرسة أقامت حفلا كبيرا سنة 1936 م حضره الملك عبد العزيز رحمه الله قدمت فيه العديد من المسرحيات المدرسية مثل مسرحية كسرى والوفد العربي, مسرحية الأعمى, واتسع تقليد إقامة الحفلات المسرحية المدرسية في ختام السنوات الدراسية, الى مدارس أخرى عبر تراب المملكة. سنة 1953 م ترسم النشاط المسرحي وأنشأت في وزارة المعارف إدارة خاصة بالمسرح المدرسي, الذي عرف انتعاشا في الثمانينات وشاركت المملكة بوفد في اللقاء الأخوي لطلاب التعليم العام لدول الخليج العربي الذي أقيم بدولة قطر سنة 1985 م وشارك وفد المملكة بمسرحية في انتظار القطار من إعداد وإخراج الأستاذ مشعل القحطاني المشرف المسرحي بمدارس الأبناء بالرياض, إضافة الى مشاركات أخرى نذكر منها المشاركة في مهرجان المسرح المدرسي الخليجي الأول بالشارقة عام 2001 م بمسرحية حاكم وعالم لفرقة إدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية, المشاركة في مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بتونس في دورته السابعة عشر وذلك عام 2002 م ـ بمسرحية أرنب نط لفرقة إدارة التربية والتعليم بمحافظة عنيزة, المشاركة في مهرجان المسرح المدرسي الخليجي الثاني بالشارقة عام 2003 م بمسرحية السفينة لفرقة إدارة التربية والتعليم بمحافظة الرس, وتحصلت فرق المملكة على جوائز شتى في هذه المناسبات كجائزة أفضل ممثل, وجائزة أفضل نص, وأفضل إخراج, وأفضل ديكور.

المسرح في المغرب يبدو أنه نال قسطا من الاهتمام من قبل الباحثين والمؤرخين الذين قسموا تاريخ مسرح الطفل في المغرب الى ثلاث مراحل, مرحلة الظواهر المسرحية أو الأشكال الاحتفالية , مرحلة النشأة أو البدايات التمهيدية, و مرحلة التأسيس و البرمجة, المرحلة الأولى يقصد بها تلك العروض العفوية مثل الألعاب الجماعية, وأدوار العريس والعروس, وألعاب خيال الظل, وأهم العروض سلطان الطلبة وهو عرض تربوي ظهر في عهد مولاي رشيد بمدينة فاس ما بين 1666-1672م, يتقمص فيها أحد طلبة جامع القرويين دور الملك بعد أن يشتري تاج العرش من مزاد علني, ويحاط بالأبهة وباحتفالية رائعة حيث يمكن لسلطان الطلبة بعد طقوس معينة أن يقابل السلطان ويتقدم إليه بمطلب يرجو فيه تحرير أحد السجناء مثلا. الحلقة من بين العروض العفوية ينشطها راوي يسمى بالحلايقي, كثيرا ما تعرض في الأسواق والأماكن العمومية, ويستلهم الحلايقيون قصصهم من التراث الشعبي المغربي, أو من القصص القرآني, ومثل هذه العروض يحضرها الصغار والكبار. وكثير من الألعاب الموسمية التي اشتهرت في مختلف مناطق المغرب بما فيها المناطق الأمازيغية التي عرفت بتقاليدها وألعابها الطفولية العفوية التي كانت تتميز بالإخراج والتمثيل الجماعي. المرحلة الثانية يؤرخ لها في سنة 1923 م حيث بدأت تتأسس في هذه السنة الفرق المسرحية المغربية, التي تعرفت لأول مرة بفرق مسرحية عربية أخرى زارت المغرب في هذه السنة كفرقة فاطمة رشدي و فرقة محمد عز الدين من مصر, حيث تأسست أول فرقة للمسرح المدرسي في مدينة فاس عرفت بالجوق الفاسي, وقدمت عدة عروض مسرحية مدرسية منها: أين الإحسان؟، واليتيم المهمل، والمثري العظيم، وأدب العلم و نتائجه, وكان هذا مقدمة لظهور فرق أخرى اهتمت بالمسرح منها جمعية النادي الأدبي بسلا 1927 م, فرقة المدرسة الحرة بالرباط 1928 م, جمعية الطالب المغربية 1932م, جمعية المعهد الحر1937 م, فرقة الهلال البيضاوي بالبيضاء 1941م, فرقة الشمس التمثيلية البيضاوية 1942م, تلاميذ المدرسة العربية الفرنسية بمراكش 1943م, جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الحرة 1945م, جمعية الكشاف الطنجي 1946م, جمعية شباب سلا العامل و الكشافة 1947م, فرقة الطالب المغربي أو جمعية الطالب المغربي 1948م, فرقة المدرسة القرآنية الأصيلة1949 م, فرقة النجم الأصيلي 1956 م, جمعية تلاميذ ابن الخطيب بطنجة 1961م, وتميزت هذه الفرق بطابع التراجيديا وطابع الكوميديا، وتنوعت اتجاهاتها الفنية من الاتجاه التاريخي والاتجاه الديني والاتجاه الاجتماعي و الاتجاه السياسي. في سنة 1962 م اهتمت وزارة الشباب والرياضة بمسرح العرائس حيث نظمت أول مهرجان في هذه السنة بمدينة الرباط, وكونت فرقا متخصصة في كل من الرباط و فاس والدار البيضاء ومراكش, كما كونت مجموعة من الشباب في مسرح العرائس, لكن الانطلاقة الفعلية لمسرح الطفل كانت سنة 1978 م حيث ظهرت العديد من الجمعيات المتخصصة في عالم الطفل, والتي نسقت معها وزارة الشباب والرياضة في تنظيم عدة مهرجانات وندوات, منها أربع مهرجانات كبرى في الفترة ما بين 1978 و 1986 م, وقدمت كذلك كثير من مسرحيات الطفل وساهم في ازدهاره الجمعيات المهتمة بالطفل, وسياسة التكوين والرعاية التي قدمتها وزارة الشباب والرياضة المغربية.

عربيا عقد أول مهرجان عربي لمسرح الطفل سنة 1983 م, في قرطاج بتونس وتمحور برنامج حول الإنتاج المسرحي في الدول النامية.

هوامش

(1)1248- 1311 م ولد بأم الأربيعين بالموصل, واحترف حرفة الكحالة وهو نوع من أنواع طب العيون, مارسه عندما هاجر الى مصر.

(2) 1842- 1896 م من أشهر مؤلفاته الاحتفاء في الاختفاء، للآلئ والدرر في فواتح السور، والبديع في مدح الشفيع

(3)1891-1925 م عرف بحبه للمسرح المدرسي وعرف برحلاته الى أوروبا حيث كان يكتب تقارير عن المسارح التي زارها في النمسا وسويسرا وفرنسا وإنجلترا واسكتلندا.

(4) 1894- 1982 م مثل العديد من الأدوار في الأفلام السينمائية, ولع عدة ترجمات, مسرحية الجلف لتشيكوف, مسرحية الوطن لسارود, مسرحية المعركة لفروندى.

المراجع

صورة الموضوع مأخوذة من هذه الصفحة

ويكيبيديا الموسوعة الحرة

موقع إيلاف

دنيا الرأي

الادارة للمدارس السعودية في الخارج

موقع مدرسة الزرزمون الإعدادية