علماء الصورة والضوء 

لقد أنطق الإبصار القدماء وجعلهم من الفلاسفة فقد اعتقد أفلاطون أن العين ترى الأشياء بخروج الضوء منها وخالفه تلميذه أرسطو الرأي فقال أن الضوء ليس له وجود وإنما العين تبصر بانطباع صور الأشياء فيها ولم يلتزم أبيقور الصمت بل قال رأيه في الموضوع وتخيل صاحبنا أن الأشياء التي نراها تنبعث منها صور وترد إلى العين. أما أصحاب الشعاع أو الرواقيون فقد كانت لهم فلسفة مختلفة عن سابقيهم، حيث افترضوا حدوث اتصال بين العين و الأجسام المرئية عن طريق شعاع يخرج من العين على شكل مخروط رأسه عند العين و قاعدته عند الجسم، فإذا لمس هذا الشعاع جسما ما حدث الإبصار. وكان العالم العربي المسلم بن الهيثم أول من سمى الأشياء بمسمياتها وأزاح كل الأقاويل القديمة على جانب وأسس لعلم جديد هو علم البصريات وكان أول من شرح مكونات العين وكيفية الإبصار وقال بأن الشعاع هو من يدخل إلى العين من الجسم المرئي واسماه الضوء وقال بأنه عبارة عن حرارة نارية تتألف من أشعة لها أطوال و عروض، تنبعث من الأجسام المضيئة كالشمس و الأجسام المتوهجة، و إذا سقطت على جسم كثيف أسخنته، و إذا انعكست من مرآة مقعرة و تجمعت عند نقطة واحدة و كان عندها جسم يقبل الاحتراق أحرقته و فسر ابن الهيثم رؤية الشئ الواحد بعينين اثنتين بوقوع الصورتين على جزئيين متماثلين من الشبكية. لقد مر تعريف الضوء بمراحل عديدة وبصيغ مختلفة إلى أن استقر على تعريف علمي عصري دقيق فالضوء حسب التعريف عبارة عن موجات كهرومغناطيسية لها طاقه تظهر على شكل صورة إشعاعية وتتحول هذه الطاقة الإشعاعية إلى الأنواع الأخرى المعروفة من الطاقة تحقيقاً لمبدأ حفظ الطاقة (الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم. فالضوء ينتشر في جميع الاتجاهات وبسرعة فائقة ويكون انتشار الضوء في خطوط مستقيمة, لذلك فان لكل جسيم معين هناك ظل عند سقوط الضوء عليه أو على أي شي يصدر منه وقد استغل القدماء هذا المبدأ في بناء المزولة (1) ، التي تحدد الوقت من النهار، بناء علي طول الظل واتجاهه. تختلف حساسية العين باختلاف الطاقة الإشعاعية المستقبلة من الأجسام المرئية والعين قادرة على التمييز بين الألوان المختلفة المكونة للضوء العادي حيث أنه لكل لون خواص مختلفة عن اللون الآخر بحيث يقع حد حساسية العين في التمييز أو الرؤية للألوان أي للموجات الضوئية بين الضوء الذي له طول موجة محدد بين قيمتين محددتين هما حدود الإحساس بالرؤية أما إذا كانت شدة الضوء عالية وبدرجة كافية فان العين يمكنها الإبصار خارج تلك القيم, فخط الرؤية المباشر، هو الخط الموصل بين الجسم المرئي والعين، وهو خط مستقيم؛ ولكن إذا وُجد حائل غير منفذ لأشعة الضوء، بين الجسم المرئي، ووسيلة الرؤية، فإنه يستحيل رؤية الجسم المعني، وقد ظلت هذه المشكلة موضع دراسة، لإيجاد وسيلة تتيح الرؤية خلف الحواجب والسواتر. ومن وسائل نقل الصورة التي تعتمد على خاصية الانعكاس، استخدام المرايا مثل تلك التي يستخدمها الطبيب لرؤية أسطح الأسنان داخل الفم، ومنها كذلك المرايا العاكسة الموجودة في السيارات. ومن الحالات التي حوّلت فيها الأشعة الضوئية، إلي أنواع أخرى من الموجات ذات الخواص المخالفة لخواص انتشار الضوء، الحالة التي استخدمت فيها كاميرات صغيرة، أدخلت من خلال ثقب صغير في إحدى المقابر الفرعونية، لنقل محتوى القبر قبل الفتح, فهذه الكاميرا تحول الأشعة الضوئية إلي إشارات كهربائية، تنتقل عبر سلك التوصيل إلى جهاز استقبال يعيد إنتاج الصورة الموجودة أمام الكاميرا على شاشة عرض خاصة وتطورت أساليب نقل الصورة مع اكتشاف الألياف البصرية التي أعطت نتائج مذهلة. لقد مضى منذ أن تكلم الفلاسفة الأوائل عن الإبصار إلى حد الآن قرون من الزمن وشتان بين ما قاله أفلاطون وما قاله ابن الهيثم وما قاله واكتشفه ابن الهيثم وما هو بين يدي العلم الحديث والله وحده العالم بما سيؤول إليه هذا العلم في الزمن القادم.

مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية

موقع الفيزيائيين العرب

وكيبيديا الموسوعة الحرة النسخة العربية.