سبب شقاء المجتمع

المال العام

لدى كل مسلم ثقافة لا بأس بها عن الكسب الحرام, في البيع والشراء, وفي الفلاحة, وتربية الحيوانات, وكل المعاملات المالية, ولعل المعاملات الربوية تحتل قائمة الكسب الحرام بلا منازع لما جاء فيها من ترهيب ووعيد بنص الآية الكريمة, وحديث النبي الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم, يقول سبحانه وتعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 275 ) يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ( 276 ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 277 ) ) سورة البقرة. وللكسب الحرام تبعات على المسلم يعيشها في حياته قبل مماته, وهي تبعات مادية ومعنوية, من التبعات المادية رفع البركة من تجارته ومن ماله, ولعل الكثير لديه أمثلة عن أناس أفلسوا بسبب تعاملهم مع القروض الربوية, وتبعات معنوية تتمثل في الضغط النفسي الرهيب الذي يعشيه المتعامل بالربا, الضغط الذي يزيد مع مرور الوقت خاصة إذا أفلس ولم يتمكن من تسديد الدين الذي عليه, وإذا كان ممن في قلبهم ذرة إيمان سيزيده تأنيب الضمير على ما اقترف من ذنب التعامل الربوي, من بين التبعات الخطيرة زيادة على رفع البركة فان الله سبحانه وتعالى لا يقبل لهم صلاة ولا عبادة ولا دعاء حتى يتوبوا ولا يعودوا الى ما اقترفوا, وأي حياة لمسلم لا ترفع فيها صلاته وعباداته ودعاؤه. روى ابن عباس رضي الله عنهما «أنه حين تُلي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) البقرة:168 قام سعد بن أبي وقاص وقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به».

هذا بالنسبة للكسب الحرام للفرد أحببت أن أعرج عليه كمقدمة للحديث عن الكسب الحرام العام الذي يمارسه المجتمع من خلال الدولة, فدولتنا رغم أن الإسلام  مدون بالذهب في دستورها الموقر كدين الدولة, الا أن العمل بتعاليم الإسلام في المتاحف المكتبية, دولتنا تقترض من البنك الدولي بفوائد ربوية, وفي دولتنا كل البنوك العمومية تقدم قروضا ربوية لمواطنيها, زيادة على المعاملات الربوية هناك الملايير من أموال الكسب الحرام, من الحانات والعلب الليلية, وبيوت الدعارة, ومصانع الخمر,  كل هذا المال تنفق منه الدولة على المواطن وربما بنت به المساجد والمدارس القرآنية, و تتحمل الدولة وزره يتحمله المواطن كذلك بصمته ورضاه, ولنتخيل ما يعيشه المجتمع من نكد على مختلف المستويات, ترى هل يكون لذلك علاقة ببركة رفعها الله عن مجتمع يتعامل بالربا والسحت, والكسب حرام؟. ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ( 96 ) أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ( 97 ) أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ( 98 ) أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ( 99 ) ) سورة الأعراف.

مراجع

 صورة الموضوع مأخوذة من الصفحة التالية