هل من هواء لسعدي؟

30 يناير 2011
بواسطة في قضايا وطنية مع (0) من التعليقات و297 مشاهدة

بعد أن ضاق صدره بالغاز التونسي؟

لم أكن أعلم أن الحزب الحاكم في تونـــس يختصر بالفرنسية بالـ RCD, وربما فسر لي هذا سر الإعجاب الذي كان يبديه رئيس الـ RCD الجزائري, بالتجربة اللادينية التونسية وبالقبضة الحديدة التي كان يحكمها الرئيس الفار شين الهاربين بن علي على أنفاس الشعب التونسي, وكم تمنى في عدة مناسبات أن تسير الجزائر على خطى التجربة التونسية, ولكنه ما فتئ أن انقلب على عقبيه بمجرد أن أزاح التونسيون أثقال الظلم عن ظهورهم ورموا بالدكتاتور خارج أسوار قرطاج الى مزابل التاريخ, وراح في نفاق سياسي معهود من هذه الأنواع الحزبية في انتقاد نظام الحكم في تونس وتهنئة الشعب التونسي بالانجاز العظيم, واتضح أن الغاز الذي أحكم الخناق على أنفاس الـ RCD التونسي قد وصل منه الكثير الى عتبات الجهاز التنفسي للـ RCD الجزائري الذي راح يجري كالمجنون في كل الاتجاهات من أجل أن تفتح له أقرب النوافذ ليشم بعض الهواء, ولتكسير زجاج النوافذ أسقط سي سعدي الأزمة التونسية على الواقع الجزائري وحاول في تبهليل سياسي أن يخرج الشارع من أجل تغيير نظام الحكم, لكن الأرقام التي كانت تصاحبه في المواعيد الانتخابية كانت حاضرة في هذه المسيرة, وحاول العدد القليل من المشاركين الى كسر الطوق الأمني الذي فرض عليه بالقوة وجرح عدد من أفراد الشرطة وأصيب صحفي بجروح خطيرة, طبعا العنف كان شعار سعدي من خلال هذه المظاهرة وكان يراهن على استفزاز الشباب والشارع من أجل توسيع المشاركة وتوسيع دائرة العنف في العاصمة, لكن المبادرة فشلت قبل أن تنطلق بعد أن رفضتها كثير من القوى السياسية والوطنية, وبعد أن أطفأتها قوات الأمن عند عتبات مقر سعدي, وأتساءل عن هذا الغباء السياسي المحير, كيف لحزب سياسي يفشل في التخطيط لمظاهرة, ويفشل في تقييم العواقب, أن يفكر في تسيير مجتمع؟ كل حزب يبادر الى أي نشاط يدرس حالة النجاح والفشل, وماذا سيربح الحزب إن هو نجح, وما هي عواقب الخسارة, ولكن الغاز التونسي أفقد الحزب وعيه وراح يكسر من أجل أن تتنفس مبادئه اللادينية الراديكالية الدكتاتورية بعض الهواء من خلال محاولة قطف ثمار المظاهرة. ومهما كانت الظروف فلابد لأي حزب سياسي أن يسبق المصلحة الوطنية, والوحدة الوطنية على مصالحه الشخصية أو مصلحة حزبه الضيقة, وأن لا يستغل الظروف والأحداث من أجل ركوب الموجة, أو استعراض العضلات, أو حصد البطولات على حساب الوطن والشعب.

أين كنت يا سي سعدي في كل مواعيد رفع الأسعار ومواعيد المصادقة على القوانين التي زادت من معانات المواطن؟, أين كنت بالضبط عندما أعلنت الزيادات في المواد الأولية؟ لقد تحرك الشارع من دونك ومن دون كل الأحزاب السياسية التي نامت في أحضان مصالحها والتي ستبقى نائمة الى يوم البعث, وعن أي شيء تحتج؟ عن الحريات والديمقراطية, فحزبك منذ أن أطلت الجزائر على شروق التعددية لم يعرف رئيسا غيرك أين هي التعددية والحرية والتداول؟ أليس حريا بهذه المبادئ أن ترسخ في حزبك قبل أن تكون في قائمة مطالبك؟

يبدو أن ذنوب نكس حزب الأرسيدي للعلم الجزائر وتعويضه بعلم اسود, قد حضرت في هذه المبادرة النتنة لتفجير أعمال العنف في العاصمة, العنف الذي مل منه كل جزائري, الذي شبع وارتوى من الدم, والدموع, والألم على مدار عشرية كاملة, وقدّر لهذا الحزب أن ينكس علمه الأسود ويرفع علم الشهداء عاليا فوق أنفه, الحزب خسر الكثير من خلال مبادرته وخسر الكثير من النقاط في بورصته السياسية القليلة التي يملكها على الساحة السياسية الوطنية, وانقلب عليه السحر كما انقلب على أقرانه في تونس وهيهات للجزائر أن تعود الى اللادينية الديكتاتورية التي تقمع الحريات وتخدم مصالح الأشخاص والأحزاب, وسيبقى الشعب يقضا ملاحظا حارسا على أن تصان كرامته وحرياته, وان لم تكتمل فسيأتي اليوم الذي يعانقها فيه, وان خذلته الأحزاب وحركات المجتمع المدني في إيصال طموحاته فسيتكفل هو بها, وسيحمي لوحده حقوقه عندما تهضم وأصبح يعرف الطريق جيدا من أجل تحصيلها.

مشروع مجتمع الجزائر لن ينجح أبدا إن كان مخالفا لقيمه وتاريخه ولغته, شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب.

Tweet
الاوسمة:

كتب بواسطة :

0 Retweet

انشر الموضوع

RSS Digg Twitter StumbleUpon Delicious Technorati facebook reddit linkedin Google

مواضيع مشابهة

  • لاتوجد مواضيع مشابهة

أضف تعليق

Social Widgets powered by AB-WebLog.com.

WordPress SEO fine-tune by Meta SEO Pack from Poradnik Webmastera