26 فبراير 2013
بواسطة يحيى أوهيبة في القصة مع (0) من التعليقات و 2٬135 مشاهدة
منذ الأزل وهذا البحر يرتطم بجبهة قريته الصغيرة من دون كلل أو ملل, بحر ليس كباقي البحار, تجاوز مفاهيم الجغرافيا, وتجاوز المعاني الشكلية للأشياء, أمواج مثلما تخفق في أعماقه, ومثلما تخفق فوق اليابس, تخفق في أزقة القرية, وفي غرف البيوت, وتخفق أمام عتبة القلوب التي تعلقت به, قلوب لا يحلو لها الصباح دون أن تسلم عليه وأجفان لا يحلو لها النوم قبل أن تودعه في المساء. موح, ومنذ نعومة أظافره اعتاد أن يداعب أنامل أمواجه لحظة لمسها لحبات الرمل, واعتاد أن يتحدث إليه ويغطس بين كفيه يتحسس إن كان فعلا يبادله مشاعر الحب, يقف هذه المرة وقفة مختلفة, يدخل عتبته ليبوح له بسر آن أن يفلته: - حانت لحظة الرحيل يا صد...
26 يوليو 2012
بواسطة يحيى أوهيبة في القصة مع 2 تعليقان من التعليقات و 2٬009 مشاهدة
جلس الشيخ الفلاح منهكا على حزمة التبن, بعد يوم شاق من العمل, وضع عصاه بين رجليه وضم يدها بيديه الى لحيته, متأملا في حقله وقد بدا نظيفا من كل الأعشاب الضارة, وبدت فيه خطوط الشجيرات الخضراء مستقيمة يانعة, استرسل في الحلم وهي في أوج العطاء والفاكهة تتدلى من كل أغصانها, يقطف ثمارها، يمسحها بكمه ويتذوقها, لكن البغل أبى الا أن يكسر هذا الحلم حين خرج هائجا من مربطه الى الحقل, يقفز في كل اتجاه وكأنه يبغي التخلص من شيئ ما, أفسد الغبار المشهد, وقام الشيخ يصرخ وهو يرى بعينيه البغل وهو يدوس شجيراته: - عكاشة أيها البغل, أخرج البغل من الحقل ينتبه عكاشة بفزع الى صراخ أبيه, يرمي ما بيده ويلتفت الى البغل م...
06 يوليو 2012
بواسطة يحيى أوهيبة في القصة مع (0) من التعليقات و 2٬036 مشاهدة
كلما حل فصل الصيف, يضيق صدره حرجا كأنما يصعّد الى السماء, فمثله لا يعرف العطل, ولا السياحة, ولا السمر ولا السهر, كل ليلة هي مقدمة ليوم شاق من العمل, وليس أقسى على أعصابه من حلول هذا الليل, فرغم قصر زيارته الا أن لسانه سليط كسياط الجلاد, نباح الكلاب فوق أسطح الديار لا يكاد ينقطع, وكأن الكلاب تردد أغنية مقدسة كل ليلة, ويختلط مع نباحها نباح بشري شاذ, حديث هذا النوع من البشر يتغير فجأة في الليل الى صراخ وعويل وعواء, وتمتزج مع كل هذا الكم من الفوضى نوتة بعيدة للمخمورين تزداد حدة بالتدرج حتى تكاد تلمس طبلة أذنيه, وعندما يستلقي على فراشه تحضر نوتة جديدة تمنع عن جفنيه زيارة النعاس, فالشارع الذي يسكن...