تاريخ رياض الأطفال (2)

29 أكتوبر 2012
بواسطة في ثقافة الطفل مع (1) من التعليقات و 9٬189 مشاهدة

تاريخ رياض الأطفال في العالم

يؤرخ لديزيديريوس ايراسموس (1) Desiderius Erasmus كأول من كتب عن تربية الأطفال, فقد ألف سنة 1530 م كتابه التربية الخلقية للطفل civilitete morum puerilium, أعطى فيه تعليمات بسيطة وباللغة اللاتينية توجهه وتربيه حول كيفية التصرف في عالم الكبار, الكتاب لاقى رواجا واسعا وترجم الى عدة لغات, كانت لايراسموس عدة أفكار بخصوص تربية الطفل, كنبذ العنف, استخدام الطرق المسلية في التعليم, أن يتعاطى الطفل تعليمه حسب مستواه وتكون مناسبة لضعفه, وضرورة أن يدخل المدرسة ويتلقى تعليما فكريا. ظهر بعدها جون آموس كومينوس (2) Jean Amos Comenius, بأفكار كثيرة في مجال التربية والتعليم, وألف في ذلك أكثر من مائة كتاب, من ابرز أفكاره ضرورة التحاق جميع الأطفال بالمدارس وتعليمهم تعليما واحدا, وضرورة توظيف الطفل لأحاسيسه أثناء التعليم وجعله مشوقا ومسليا لهم, وقد أعطى اهتماما بالغا لتقنيات التعليم, وقد تأثر بفكره الكثير من أعمدة التربية والتعليم من بعده, من أول مؤلفاته فن التعليم الرائع 1826 م وهو أول كتاب مدرسي يشرح بالرسوم الإيضاحية طريقة تعليم اللغة اللاتينية للأطفال. السويسري جون جاك روسو (3) Jean-Jacques Rousseau , اثر أيضا بأفكاره التربوية في كتابه الشهير اميل 1762 م, حيث وضع فيه الأسس الحديثة للتربية, وأوصى باحترام اختيار الطفل خلال العملية التربوية, وأن يتجاوب المربي مع اهتماماته, نادى بالتربية الحسية للطفل بعيدا عن الرموز التي لا يفهمها.

قصة أوروبا مع دور الحضانة بدأت في فرنسا سنة 1770 م, كانت المدارس الأولى التي تهتم بتربية الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة, تلك التي فتحها القس أوبرلان (4) Jean Frédéric Oberlin لتعليم الصغار فنون الحياكة والخياطة, حيث قام بتجميع الأطفال في قاعات واسعة ومهيأة وتحت مراقبة مجموعة من الحارسات, كما كان يقدم للأطفال بعض الشروح حول الخرائط الجغرافية, وبعض المواضيع المنتقاة من الإنجيل, ومواضيع حول تاريخ الطبيعة, وانتظرت باريس حتى سنة 1801 م أين فتحت أول قاعة لاستضافة الأطفال salle d’hospitalité, من قبل نائبة رئيسة الجمعية الخيرية للأمومة, السيدة باستوري (5) madame Pastoret. في ألمانيا, سنة 1802 م أسست الاميرة بولين كريستسن (6) Pauline Christine أول دار للأطفال ضحايا الإهمال الأسري, واهتمت بهم ليس من ناحية الصحة والتغذية فحسب بل اهتمت أيضا بتعليمهم الحياكة, ومبادئ اللغة الألمانية, والتربية الدينية. في الفاتح من مارس 1815 م, السويسرية ماري آن كلام (7) Marie-Anne Calame , تؤسس دار حضانة للأطفال أسمته ” مؤسسة العمل لي بيلود L’Etablissement de travail des Billodes “, وهو اسم الشارع الذي تتواجد به المؤسسة, التأسيس كان في ظروف جد صعبة ,حيث كان المبنى لا يحوى على ماء ولا كهرباء وقدمت كل ثروتها بمساعدة بعض الصديقات على تحسين الظروف, المركز كان يستقبل حوالي ثلاثون طفل وطفلة, أصغر الفتتيات يعملن في الحقول, و تقدم لهن دروسا في الغناء والحياكة والدين. سنة 1816 م افتتح روبرت أوين (8) Robert Owen , روضة لأطفال العاملات في نيو أنارك بالقرب من غلاسكو الاسكتلندية, وكان هدف أوين هو تحضير الطفل للحياة العملية, من خلال المشي المنظم, والغناء الجماعي, وتعليم الأطفال بعض الأعمال اليدوية التي تطور من حواسهم وذكائهم, من أجل تحضيرهم وتأهيلهم بشكل أفضل للحياة العملية . متأثرا بهذه التجربة قام سنة 1819 م ويلدرسبين صموئيل (9) Samuel Wilderspin تربوي بريطاني عرف بتخصصه في رياض الأطفال, أدار بنفسه روضته للأطفال في سبيتالفيلدز Spitalfields, وكتب حول ضرورة الاهتمام وتثقيف الأطفال الفقراء سنة 1823 م.

في ايطاليا تم افتتاح أول روضة للأطفال الصغار ما دون السابعة سنة 1828 م, من قبل أبورتي فرانت (10) Aporti Ferrante , في مدينة كريمون, متأثرا بأفكار ويلدرسبين ٍ, وخصصها مجانا لأطفال الفقراء, وخصصها لتعليم القراءة والحساب, والكتابة. في 1 جويلية من نفس السنة, أسست الكونتيسة تيريز (11) Comtesse Teréz Brunszvik أول روضة للأطفال في المجر, وانتشر التعليم ما قبل المدرسة بصفة ملفتة للانتباه وتعمم في كامل المجر سنة 1837 م.

سنة 1837 م الألماني فريديريك فروبل (12) Friedrich Fröbel في بلانكنبرغ Blankenburg أول دار حضانة للأطفال أطلق عليها اسم Anstalt für Kleinkinderpjlege وتعني معهد الأطفال الصغار, ثلاث سنوات من بعد أطلق عليها اسم حدائق الأطفال والتي تعتبر مرحلة مهمة وأساسية في مرحلة ما قبل التمدرس, وحاول من خلالها تطبيق مبادئ روسو وباستوليزي في تكوين الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الست سنوات, كان له تصور لبيداغوجية أصلية تعتمد على الإبداع واللعب, وتكوين الأمهات حول كيفية الاعتناء بأبنائهن. وقبل هذا ألف فريديريك فروبل سنة 1826 م كتابه “تربية الإنسان” الذي أكد فيه على ضرورة الاهتمام بتربية الطفل، وأكد كذلك على استخدام اللعب، والنشاط الجسمي، كوسيلة من وسائل التربية. وقام بانجاز اللعبة التربوية وأطلق عليها هدية فروبل “Fröbelgaben ” , وهو عبارة عن سلسلة من اللعب, يقوم الطفل بتركيبها لوحده, وتبدأ من اللعبة السهلة التركيب الى اللعبة المعقدة. خلال سنة 1840 م, فرنسا وحدها أحصت حوالي 1500 دار حضانة, و 300 في انجلترا, و400 في بلجيكا, و 150 في ايطاليا.

 في اسبانيا تم افتتاح أول دور الحضانة سنة 1838 م, وأسست مدرستان مدرسة في مدينة فييرو ومدريد وكانت تستخدمان للتدريس العادي أيضا. بعد هذا التاريخ شهد موضوع تربية الأطفال في مرحلة ما قبل التمدرس عدة تطورات سريعة, بفتح رياض الأطفال وجعلها إجبارية قبل المرحلة الابتدائية, حيث تتالت المراسيم والقوانين التي تنظم رياض الأطفال, كما انتشرت المدارس التي تكون المربين والمربيات, كما انتعشت الكتابة والتأليف في تربية الطفل في مرحلة الروضة.

في الولايات المتحدة تعتبر مرحلة الروضة إلزامية, وجزء من التعليم, ويطلق عليها مرحلة الصفر, مما يدل على وجود ارتباط بين مرحلة الروضة والمرحلة الابتدائية, تأسست أول روضة للأطفال في الولايات المتحدة الأميركية في ووترتاون بولاية ويسكونسن سنة 1856 م، من قبل مارغريث شورز (13)  Margarethe Schurz , وكانت لغة التدريس فيها بالألمانية, في عام 1860 أسست اليزابيث بيبودي أول روضة للأطفال باللغة الإنجليزية في مدينة بوسطن, و تم افتتاح أول روضة أطفال مجانية في نيويورك سنة 1870 م عن طريق رجل أعمال ألماني يدعى كونراد بوبنهاوزن (14) Henry Conrad Bobenhausen, و هو رجل ألماني صاحب مصنع وسَخِي وقد استقر في حي كولج بوينت، بنيويورك، حيث أسس معهد بوبنهوسن والذي لا يزال موجوداً حتى اليوم. سنة 1873 م افتتحت أول روضة أطفال حكومية من طرف مؤسستها سوزان بلو (15) Susan Blow في سانت لويس. في عام 1886 م، تم تأسيس الكلية الوطنية للتعليم على يد إليزابيث هاريسون، التي عملت على إيجاد معايير لتطوير جودة طرائق التدريس عند المعلمين, وكتبت كثيرا حول نظرية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وعملت على تحسين المعايير التعليمية لمعلمي رياض الأطفال وذلك من خلال تأسيس ما أصبح يعرف بالكلية الوطنية للتعليم في عام 1886 م.

عربيا الشبكة محتواها ضعيف جدا فيما يخص تاريخ رياض الأطفال في العالم العربي, ولم أجد الا نبذة عن تاريخ تطور رياض الأطفال في السعودية. بداية تربية الأطفال كانت من اختصاص المدارس الخاصة أو المدارس الأهلية كما تسمى في المملكة, ولأهمية ما كانت تقدمه المدارس الأهلية وضعت تحت وصاية وزارة المعارف 1965 م, التي قدمت الدعم المادي والفني لهذه المدارس حتى تقوم بواجباتها التربوية في أفضل الظروف, وبلغ عدد رياض الأطفال سنة 1975 م 90 روضة. تأسست أول روضة حكومية للأطفال في السعودية سنة 1970 م بمكة المكرمة, ضمت عشرة فصول بمائتي طفل وستة عشر مربية. بعد نجاح التجربة عممت رياض الأطفال على المملكة وبلغت سنة 1981 م 26 روضة كانت تضم 150 فصل به 2717 طفل, و267 مربية, وبلغت رياض الأطفال سنة 1999 م, 316 روضة, بها 1245 فضل, يضم 21621 طفل و 3859 معلمة, وتطور قطاع رياض الأطفال في المملكة بشكل ملحوظ وتذر الإحصائيات أن عدد الرياض سنة 2007 م بلغ 1512 روضة, بها 6061 فضل, وبلغ عدد الأطفال المسجلين 104.999 طفل, أما المربيات فبلغ عددهن 10.655 مربية. عدة قطاعات في السعودية تساهم في تطوير مجال رياض الأطفال فإضافة الى جهود وزارة المعارف, تساهم أيضا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية, ويبلغ عدد الرياض التابعة لها 196 روضة, كما تشرف وزارة الدفاع الوطني والطيران على تسع رياض, ويشرف الحرس الوطني على 11 روضة.

في الجزائر كانت رياض الأطفال موجودة خلال الحقبة الاستعمارية, وكان نشاطها يقتصر على أبناء المستعمر وبعض من أبناء الخونة, وكانت تشرف عليها الراهبات, كما كان لجمعية العلماء المسلمين دور كبير في تربية الأطفال فبل سن التمدرس, وأسست مدارس عبر بعض ولايات الوطن عرفت بدور الحديث, بعد الاستقلال لم يدم نشاط رياض الأطفال طويلا, وتم إلغاء الرياض بموجب قرار وزاري المؤرخ بتاريخ 23/09/1965 م, حيث تم تحويلها الى مدارس ابتدائية لاستيعاب أطفال المدارس الابتدائية. بعدها جاءت عدة مراسيم تهتم برياض الأطفال لكن النشاط اقتصر على القطاع الخاص والجمعوي فقط, بينما تكفلت الدولة فقط بالأقسام التحضيرية في المدارس الابتدائية, ومن الجمعيات المهتمة بقطاع رياض الأطفال في الجزائر جمعية الإرشاد والإصلاح الوطني حيث تهتم فروعها عبر التراب الوطني بهذا النشاط.

هوامش

(1) 1466 – 1536 م

(2) 1592 – 1670 م

(3) 1712-1778 م

(4) 1740 – 1825 م

(5) 1766 – 1843 م

(6) 1769 – 1820 م

(7) 1775-1834 م

(8) 1771- 1851 م

(9) 1791 – 1866 م

(10) 1791 – 1858 م

(11) 1775 – 1861 م

(12) 1782 – 1852 م

(13) 1833 – 1876 م

(14) 1838 – 1899 م

(15) 1843 – 1916 م

 مراجع

صورة الموضوع مأخوذة من  الصفحة التالية

موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة

موقع جامعة أم القرى

مدونة ضي القمر

موقع المعهد الفرنسي للتربية  فرنسي

موقع بارسي فرنسي

موقع غرالون  فرنسي

 

Tweet
الاوسمة: ,
يحيى أوهيبة

كتب بواسطة :

Retweet

انشر الموضوع

RSS Digg Twitter StumbleUpon Delicious Technorati facebook reddit linkedin Google

مواضيع مشابهة

رد واحد لهذا الموضوع

  1. boutaleb mustapha

    28 مارس,2014

    لقد سررت بقراءة هذا النص واود من حضرتكم ارساله لي قصد اتمام رسالة التخرج من الجامعة

أضف تعليق

CAPTCHA
Refresh

*

Social Widgets powered by AB-WebLog.com.

Please don't print this Website

Unnecessary printing not only means unnecessary cost of paper and inks, but also avoidable environmental impact on producing and shipping these supplies. Reducing printing can make a small but a significant impact.

Instead use the PDF download option, provided on the page you tried to print.

Powered by "Unprintable Blog" for Wordpress - www.greencp.de