ويعود من المونديال من دون عنب


البركة في القليل, المهم المشاركة, المهم الخروج بشرف, شعارات شد بها سعدان الرحال الى بلاد نيلسن مانديلا, فنتائج المنتخب الوطني في الدورة بعد ثلاث مباريات تعادل وهزيمتين دون أن نتمكن من تسجيل أي هدف, تبدو منطقية الى حد كبير إذا ما نظرنا الى الطريقة التي كان يحضر بها سعدان المنتخب والطريقة التي كان يختار بها اللاعبين, فإذا عدنا الى تصفيات كأس إفريقيا وكأس العالم 2010 نجد أن سعدان جرب عدد كبير من اللاعبين الى غاية كأس إفريقيا للأمم التي أجريت بأنغولا الأمر الذي رهن استقرار المنتخب, حتى في هذه الدورة استغرب المناصرون الجزائريون وجود عدد كبير من المصابين في عيادة الفريق أثناء الدورة في حين تقول التقاليد والأعراف الكروية أن يذهب المدرب الى دورة كروية كبيرة بلاعبين جاهزين بدنيا وفنيا. بعد دورة أنغولا كان على سعدان إجراء مقابلات ودية من أجل تحقيق الانسجام لكن مباراة صربيا أخلطت كل الأوراق وأرغمته على التغيير من جديد حيث أبعد لاعبين محليين واستقدم ستة لاعبين جدد من مختلف البطولات الأوروبية, ليعاود رحلة البحث عن الانسجام من جديد,  لكن ذلك لم يتحقق بالقدر الكافي وبدا ذلك واضحا في مباراة ايرلندا التي خسرها بثلاثة صفر, ومباراة الإمارات التي لعبت بأغلبية من الآمال وكان الفوز غير مقنع بهدف مقابل صفر  ومن ضربة جزاء, ولكننا كنا نقول أن نتيجة المقابلات الودية غير مهمة فالمهم هو الأداء, وكنا نقول أيضا أن سعدان لا يريد كشف أوراقه قبل كأس العالم, وزادنا حماسا ما قاله للصحافة قبل الموعد العالمي عندما صرح أن بصدد تحضير مفاجأة لسلوفينيا, لكنه في الحقيقة حضر مفاجأة للجزائريين من خلال إشراك غزال الذي دخل التاريخ بحصوله على أسرع طرد في تاريخ كأس العالم, وإشراك صايفي الذي صام مع غزال عن التهديف دهرا من الزمن, ولا زال كل الجزائريين والعرب والعجم تستغرب تمسك سعدان بهذين اللاعبين حتى الفضاء لو كانت فيه كائنات تناصر الخضر ربما لتدخلت بأنبوب الضوء الذي يخرج أسفل المركبات الفضائية ولنقلتهم الى مجرة أخرى عل المنتخب يجد ضالته أمام المرمى, ولكن سعدان تحدى الكون وخسر المقابلة ورهن حظوظه في التأهل الى الدور الثاني, في المقابلة الثانية أمام انجلترا استجاب سعدان لضغط الشارع الذي طالب بإشراك بودبوز وعبدون  وفعلا المقابلة كانت رائعة وقدم المنتخب الوطني أداء في القمة وتكلم الجميع عن أداء الخضر المميز واكتشفنا مبولحي حارسا من طينة الكبار, واكتشفنا بودبوز اللاعب الموهوب, لكن الغرور أصاب سعدان بعد هذه المقابلة وحاول تصحيح أخطاء المنتخب التي ارتكبت في مقابلته الثانية أمام انجلترا للأسف بأخطاء المقابلة الأولى, فالأحداث كانت متشابهة بين مقابلتي سلوفينيا وأمريكا دخول غزال وصايفي وخروج لاعب بالبطاقة الحمراء وهدف في نهاية المقابلة, وأعتقد هنا أن سعدان يكون قد شبع وارتوى من غزال وصافي ومن تغييراته الفاشلة في هذا المونديال ومن سياسة الاجتماعيات أو “السوسيال” كما يحلو للكثير تسميته, كل هذا أبان عن محدودية الطاقم الفني للمنتخب, باعتباره لم ينجح في تحقيق الاستقرار للفريق والتغيير الكثير للاعبين وفي الأوقات القاتلة, أيضا عدم معرفة الطاقم الفني بالإمكانيات الفنية الحقيقية للاعبين فلولا إصابة شاوشي لما كنا سنشاهد مبولحي الذي أبان عن إمكانيات كبيرة وخارقة,  وحتما كان في كرسي الاحتياط لاعبون لو منحت لهم الفرصة لأبهروا وربما لحققوا الفارق في المقابلات الثلاث, وكذلك تعجبنا على الإصرار على الخطأ بتجديد الثقة في غزال وصايفي, نقول هذا تحسرا على ما فاتنا لأسباب تافهة وتعود لتفاصيل صغيرة كان بإمكان المدرب الوطني تفاديها, ونزيد تحسرا عندما نرى منتخب سلوفاكيا المشارك لأول مرة يمر الى الدور الثاني, ومنتخبات أخرى حققت نفس النتيجة ولنا أفضل مما تملك من إمكانيات, ولكن حتما تبقى هناك فوارق لا يتسع المقال لشرحها.
إذا استعملنا كلمات القصيدة التي يعرفها الجميع سنبتهج ونرضى بالنتائج بعد غياب دام عشرين سنة عن كأس العالم, وعن دورتين سابقتين لكأس إفريقيا للأمم, وأننا اكتسبنا فريقا شابا للمستقبل ونتمنى أن لا يشيخ في اللهث وراء اكتساب التجارب, حتى كلام اكتساب التجربة لست مقتنعا به باعتبار أن سعدان أشكرك لاعبين على مشارف الاعتزال وترك لاعبينا الشباب في الاحتياط.
قد يتساءل سائل ما الحل؟ هو الحل الذي يعرفه كل الجزائريين طاقم فني موهوب ومتمكن يحسن توظيف الطاقات الموجودة في الفريق, وان كان هناك إجماع حول الاستمرارية وبقاء سعدان أقول حتما أنه سينجح لو تخلى عن سياسة الخدمات الاجتماعية, وحتما سينجح لو غير من طريقته في تبديل اللاعبين كل مرة والإصرار على بقاء بعضهم في الاحتياط الى الأبد, وإعطاء الفرصة في هذه المدة للجميع من أجل الكشف عن مواهبهم الحقيقة والتفكير في تحسين أداء الخطوط الثلاث وخاصة الهجوم. سعدان اكتفى بالسلة فارغة بعد مشاركته المونديالية وعدا من دون عنب ولكن السلة ستبقى في اليد وسيحين الوقت الذي ستمتلئ فيه بالانجازات إنشاء الله.

Tweet