الشان في ميزان القيم

16 مارس 2011
بواسطة في مقالات مع (0) من التعليقات و460 مشاهدة

هناك أفضل من الكأس في لعبة كرة القدم

الدورات الرياضية لكرة القدم بكل أنواعها أهم ما يشد الانتباه فيها الأهداف واللقطات الفنية داخل المستطيل الأخضر, كما تعتبر الكأس أهم شيء يجب العودة به إلى الديار, فالجميع في حرب وفي سباق ضد الزمن من أجل الظفر باللقب الغالي, في رأيي أن هناك أشياء أخرى أهم وأعتقد أن الكثير يشاطرني الرأي فيها, وهي الروح الرياضية داخل وخارج الملعب ومدى احترام المشاركين للقيم الإنسانية, وما مدى نجاح الفريق وطاقمه في التعريف بثقافته وبلده, إنها بصمة لا يحسن إلا القليل تركها بعد نهاية كل منافسة, وقد تبقى المنافسة والكأس مجرد ذكرى ولكن البصمة تضل الألسن ترددها في كل مناسبة وفي كل وقت وتبقى منقوشة في الأذهان خاصة لمن يعيش أحداثها عن قرب, وفي نفس الوقت تبقى الأحداث السيئة عالقة كحالات الغش, والعنف مثلا.

في دورة كاس إفريقيا للاعبين المحليين, بقيت في ذهني الكثير من الأحداث الجميلة التي أراها حسب رأيي قيما يجب أن تثمن, وربما أبدأ بشيء شد انتباهي كثيرا قبل بداية الدورة وانتقال النخبة الوطنية إلى السودان, حيث كان مقررا عدم انتقال الناخب الوطني عبد الحق بن شيخة مع المحليين لانشغاله باللقاء الودي الذي كان مقررا أن يجمع المنتخب الأول مع الفريق التونسي, فاللاعبون صرحوا للصحافة الوطنية أنهم سيفتقدون حماس بن شيخة, وما معنى حماس بن شيخة؟ طبعا الرغبة في الفوز, وتمثيل الألوان الوطنية أحسن تمثيل, وهذه قيمة كبيرة تحقق الفارق في كثير من المباريات, أن تلعب من أجل تمثيل الوطن وحبا في الألوان الوطنية وقد يقول قائل هذا قاسم مشترك بين كل الفرق, ولكن الحماس والعزيمة تختلف درجاتها في قلب اللاعب والمدرب, وقد تكون بارزة للأعين وتحسها القلوب حتى أنها تتمنى أن تكون قربها لتستلهم منها الطاقة من أجل الفوز وهذه قيمة.

وأنا أقرأ في مختلف الصحف تقارير مراسليها شد انتباهي قصصهم عن الجماهير السودانية, التي كانت تغادر المدرجات من أجل أداء فريضة الصلاة, فان كان مؤذن صلاة الفجر ينادي الصلاة خير من النوم, فهذا الجمهور كله نادى الصلاة خير من اللعب, الوقوف أمام الله لتأدية الفريضة في وقتها خير من كرة القدم وما فيها, أعلم أن كثيرون قد يشدون على شفاههم, وقد يعتبره آخرون صعب التحقيق في مقابلة مثيرة وفاصلة أو في نهائي, ولكنه أيضا اختبار صعب لإيمان الإنسان المسلم, ونأسف عندما نرى رابطتنا تبرمج مقابلات في كرة القدم في نفس توقيت صلاة الجمعة مثلا, حتى أنك تسمع وأنت داخل المسجد أهازيج الغير مصلين في الملعب وربما كان بينهم من فضل المقابلة على الجمعة, حتى في رمضان نرى في بلدنا العربي المسلم برمجة مقابلات في عز النهار, أين تكون الحرارة مرتفعة دون أن يعطى أي اعتبار للرياضي للصائم الذي يعاني الأمرين قبل أن يصفر الحكم وربما أكمل نهاره ولسانه بين يديه. فألف تحية للجماهير السودانية على هذه قيمة.

زيارة الفريق الوطني للأطفال المرضى في الخرطوم بتاريخ 25/11/2011 بمستشفى جعفر بن عوف كانت هدفا أروع من أهداف جابو في هذه الدورة, فعلى الرياضي الذي وهبه الله الصحة الجيدة أن يتذكر المرضى ويتذكر ما هو عليه من نعم لا تعد ولا تحصى, أكيد أن الأطفال السودانيين فرحوا كثيرا بزيارة الخضر وبمبادرتهم الإنسانية الطيبة, وحتما ستزيد من روابط المحبة بين الشعب السوداني والجزائري, ولما لا تصبح مثل هذه المبادرة عادة لدى كل الفرق حتى تساهم الرياضة زيادة على إمتاع الجماهير في المدرجات, تدخل الفرحة إلى المحتاجين والمرضى من الأطفال, ونريدها بالخصوص أن تبقى عادة في الفريق الوطني وفي النوادي الوطنية, لترسيخ روح التضامن والمحبة والرحمة بين مختلف شرائح المجتمع الجزائري, ولغة تواصل ورسالة أخوة بيننا وبين الشعوب الأخرى, فما أحلاها من قيمة أيها المحاربون.

حدث أمر آخر جميل قلّ ما يحدث في دورات كثيرة أن يبيت منتخبان يلعبان في نفس المجموعة في فندق واحد, وهو ما حصل فعلا بين المنتخب الجزائري والمنتخب التونسي الشقيق قبل مباراة النصف النهائي, وشاهدنا تلك الأجواء الأخوية التي جمعت اللاعبين والمسئولين, وكيف جلسوا إلى طاولة واحدة, وتبادلوا أطراف الحديث في جو خال من التوتر والعصبية, وهذا ما نريده أن يكون بين المنتخبات العربية, أن تكون في الأذهان والعقول قناعة مفادها أن كرة القدم مجرد لعبة, تجمع ولا تشتت, أيضا بعد انتهاء مباراة النصف النهائي التي طبعتها الروح الرياضية رغم الإصرار الذي أبداه اللاعبون لانتزاع تأشيرة التأهل, فان لاعبي المنتخب التونسي احتراما لمشاعر اللاعبين الجزائريين لم يبدوا فرحتهم في الفندق, وهذه قيمة يشكر عليها التوانسة, وتزيد من علاقات الحب والمودة بين اللاعبين.

كل هذه القيم التي حصلت في دورة السودان حتما ستصل إلى قلوب كل الجماهير, وتساهم بقسط وفير في محاربة مظاهر العنف داخل الملاعب, وتصنع لنا صورا جميلة يشاهدها كل من عايش الدورة في السودان أو تابعها عبر الفضائيات, فلتكن القيم هي لقب كل دورة, ولتكن الكؤوس والألقاب وسيلتنا لنشر قيمنا الإنسانية.

Tweet
1617994
تفضل بتقييم الموضوع
Thanks!
An error occurred!
الاوسمة:

كتب بواسطة :

Retweet

انشر الموضوع

RSS Digg Twitter StumbleUpon Delicious Technorati facebook reddit linkedin Google

مواضيع مشابهة

مواضيع في نفس التصنيف

  • لاتوجد مواضيع مشابهة

أضف تعليق

Social Widgets powered by AB-WebLog.com.