والخضر تتوقف مسيرتهم عند عتبة النصف نهائي

ابتسمت الجابولاني في المباراة النصف النهائية لكأس افريقيا للأمم للاعبين المحليين المقامة بالسودان, لريح الياسمين التونسي الذي فاح ريحه على ربوع كثير من الأوطان العربية, فبالرغم من أني تمنيت لعب النهائي والتتويج بالكأس إلى أن وقع خيبة الأمل كان خفيفا لما تعلق الأمر بمنتخب شقيق, ولا يسعني إلا أن أتمنى له التوفيق في المباراة النهائية والعودة بالكأس إلى تونس والتي حتما ستبعث الكثير من الفرحة إلى الشباب التونسي بعد أيام عجاف من الضغط والترقب الذي صاحب ثورتهم المباركة, وستزيد من الثقة إلى روح الشباب وستكون مكسبا وثمرة جديدة تثري سجلهم الحافل بالانجازات. ما شد انتباهي خلال المباراة هو غياب الحماسة المعتادة لدى الناخب الوطني والتي عودنا عليها خلال المباريات السابقة, فخلال كل أحداث المباراة كان صامتا ومكتفيا بالمشاهدة, حتى النصائح التي كان يمدها للاعبيه كانت بطريقة غير حماسية وباردة, وحتى من اللاعبين من لم يتوقف ليسمع ما يقوله الجنرال, وهذا الأمر جعلني أطرح الكثير من الأسئلة عن سر غياب الحماسة عند المدرب واللاعبين, وعن سر طريقة اللعب الغريبة التي لعب بها اللاعبون خلال الشوط الأول, وما لا أتمناه أن تكون الأمور الانضباطية قد فلتت من يد بن شيخة, أو أن يكون هناك خلاف ما أو مشكل قد وقع قبل المباراة, ربما الأيام كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل.

في الشوط الأول من المباراة تفاجئنا بطريقة لعب منتخبنا الوطني, فالتونسيون سيطروا على كل أركان الشوط وأفصحوا عن نيتهم مبكرا في كسب نقاط المباراة والتأهل إلى النهائي, فأول تهديد تونسي كان في الدقيقة الخامسة عن طريق اللاعب شهودي لكن الحارس زماموش في المكان المناسب, تواصل التهديد على مرمى الحارس زماموش في عدة مناسبات وانتظار التونسيين لم يدم طويلا بحلول الدقيقة 18 حيث تمكن الذوادي من الانفلات من اللاعب مفتاح ووزع كرة على طبق للقصداوي ودون نقاش في مرمى الخضر, في الدقيقة 28 كاد القربي أن يعمق الفارق بعد تنفيذ مخالفة لكن الحارس في المكان المناسب, المحاولات الجزائرية في هذا الشوط كانت محتشمة, في الدقيقة 11, وفي الدقيقة 24 عن طريق سوداني الذي مرت كرته فوق العارضة بعد تمريرة جميلة من يخلف.

في الشوط الثاني توقعنا أن تتغير الأمور ربما مع تغييرات بن شيخة من خلال إشراك كل من حاج عيسى وفاهم بوعزة, فيما ألغى الشيخ دخول قاسمي بسبب إصابة المدافع معيزة الذي عوضه زميله خوالد في الشوط الإضافي الأول, وبالفعل الشوط الثاني كان جزائريا خالصا بعد أن تراجع مستوى المنتخب التونسي الذي بذل جهدا كبيرا في الشوط الأول, وكانت للخضر محاولات مهمة في الدقيقة 54 والدقيقة 57, وبدأنا نحس من خلال المحاولات وطريقة اللعب أن الهدف قادم, وبالفعل كان لنا ذلك في الدقيقة 60 عن طريق المبدع جابو الذي أزاح الكثير من النعاس والملل عن عيون المشاهدين بهدف رائع من على بعد 30 متر لم يتمكن منها الحارس التونسي مثلوثي, وكان على الخضر التركيز أكثر واستثمار الاستفاقة ومعنويات هدف التعادل من أجل إنهاء المقابلة في توقيتها الأصلي, ففي الدقيقة 65 هجمة منظمة يقودها محاربو الصحراء نحو الشباك التونسية, جابو يمرر لمترف ناحية سوداني لكن الدفاع في المكان المناسب إلى الركنية, كما ضاعت على الخضر فرصة أخرى في الدقيقة 85 بعد هجمة معاكسة سريعة حاول فيها جابو المراوغة وتسجيل الهدف لكن الدفاع تمكن من إبعاد الخطر, كما كان للأشقاء فرصة في الدقيقة 79 بعد تمريرة الذوادي التي كادت أن تخادع الحارس زماموش, الشوط الثاني ينتهي بالتعادل الايجابي وتبدأ رحلة الأشواط الإضافية, التي كان فيها مستوى اللعب متوسطا وانخفض كثيرا نبض المباراة, وبدا العياء على التشكيلتين غير أن حاج عيسى ترك بصماته قوية في المباراة وأبدع في نسج لقطاته الفنية, كما أبدع في إسقاط الدفاع التونسي, وأقول أن حاج عيسى لو كان في لياقته البدنية والفنية لكانت مكانته أساسية ولتمكن من صنع الفارق في المباراة, الوقت الإضافي الأول والثاني ينتهي إذن بالتعادل ويحتكم الفريقان الى ركلات الترجيح, وفي هذا الوقت بالذات راودني الحدس اللعين بأننا لن نتأهل, وخلال التنفيذ زادت حدة الحدس عندما كنت أشاهد الجريدي يرتمي في كل مرة في الجهة الصحيحة للكرة بينما لم يوفق زيماموش حتى في معرفة الاتجاه الصحيح الذي كانت تقذف فيه كرة التونسيين, وفعلا جاء الفوز من تصدي الجريدي لكرة مترف, وعدم تمكن زماموش من الإمساك بآخر كرة, وينتهي اللقاء في روح رياضية عالية ويتأهل الأشقاء الى النهائي بينما يلعب الخضر مباراتهم القادمة أمام الشقيقة السودان بعد خسارتها أمام أنغولا بهدف دون رد.

ما نستطيع قوله في الأخير أن تأهل تونس مستحق وقبل المباراة كانت حظوظ الفريقين متساوية, ودوما نخسر بسبب تفاصيل صغيرة في المباريات المهمة, ولكن على الجمهور الجزائري أن يفتخر بالفريق المحلي وبما قدمه خلال هذه الدورة, وعلى لاعبينا أن لا يخجلوا بعد الإقصاء, ففرقينا كان الفريق الوحيد الذي لعب بالمنتخب ب فكل منتخبات المربع الذهبي هي المنتخبات الأولى ولا يكاد ينقص صفوفها إلا لاعب أو لاعبين, وبهذا يكون بن شيخة قد حقق الكثير بعد إقصاء الفريق الوطني في النسخة السابقة, من خلال تأهله الى هذه الدورة وبلوغه الدور النصف النهائي, عمل كثير ينتظره لتحضير النخبة للنسخة القادمة, وأتمنى أن يأخذ كامل وقت في البحث عن لاعبين شباب وموهوبين من أجل ضمهم الفريق, ونأمل إن شاء الله أن نلعب النهائي في الدورة المقبلة على الأقل.