اقتراحات عملية لإصلاح ذات البين الجزائرية المصرية

طالعتنا الصحف الجزائرية والالكترونية على خبر رعاية قطر الشقيقة لجلسة صلح بين الاتحاديتين الجزائرية والمصرية, مبادرة تجعل احترامنا وإعجابنا يزيد للدولة العربية قطر ورجالها خاصة بعد الانجاز الكبير الذي حققته بفوزها المستحق والمبهر بتنظيم كأس العالم 2022, وهاهي الآن ترعى مبادرة إنسانية نابعة من عمق حضارتنا العربية والإسلامية من أجل إصلاح ما تشتت بين الأشقاء في تصفيات كأس العالم 2010, مبادرة الصلح طيبة فلا قيمة للرياضة من دون قيم ولكنها للأسف كانت ناقصة من العديد من التوابل التي تعطي للصلح نكهة الفرحة والراحة, فالصلح كان جزئيا باعتبار أنه كان محصورا بين الاتحاديتين الجزائرية والمصرية, ولم يشمل أطرافا أخرى ساهمت في إشعال فتيل الفتنة كمنظمة المحامين المصريين التي أحرقت العلم الجزائري, وكان لزاما عليها أن تعتذر ويكون هناك صلح بين المنظمتين ونفس الشيء يقال عن أطباء أم الدنيا الذين رفضوا معالجة المصابين من المناصرين الجزائريين الذي جرحوا في القاهرة, و أساتذة أم الحضارات الذين رفضوا تدريس الطلبة الجزائريين, و السلطات المصرية التي طردتهم شر طردة وسخرت زبانيتها وأمنها للنيل من الأنصار في الشوارع والحافلات, والزج بهم وسط المتعصبين من الأنصار المصريين, واهانة السفير الجزائري في القاهرة الذي عمل المستحيل من أجل إنجاح هذا الموعد الكروي من خلال محاصرته والتسلل الى إقامته من أجل الاعتداء عليه, وقنوات الدعارة الإعلامية المصرية التي تفننت في سب وشتم كل ما هو جزائري وتفننت في حبك السيناريوهات وأظهرت أحداث أم درمان في صور مذابح ومجازر وصمت وشارك معها محرروها ومالكوها وصمتت الوصاية المصرية للإعلام بحجة حرية الصحافة والرأي في حين كانت تقيل صحافيين وتلغي حصصا إعلامية لأسباب تافهة, حتى الفنانون المصريون الذي استقبلوا يوما بالخيالة وكرموا في الجزائر لم يترددوا في عض اليد التي أحسنت إليهم ولم يترددوا في اهانتها, وهل يمكن أن ننسى ما قام به نجلي الرئيس مبارك من استفزازات وتصريحات ساهمت في تأجيج فتيل الفتنة وما قام به والدهما حين نزل مريضا الى الملعب وراح يشحذ همم اللاعبين من أجل الفوز على الجزائر, وكان حريا به أن يترفع ويهتم بما هو أهم من الجلد المنفوخ ويتدخل في الوقت الذي كان يجب أن يتدخل لوقف مهازل أبنائه وصحفييه وفنانيه, الكل ساهم في مصر في اهانة دولة المليون والنصف مليون شهيد, فمحال أن يكون عناق روراوة وزاهر كافيا لصلح حقيقي لأن لا أحد واثق إن كان الشهداء سيقبلون باعتذار من أهانهم وأحرق علمهم الذي ماتوا من أجله, ولا أحد يعلم إن كان كل الشعب الجزائري سيقبل باعتذار من أهان شهداءه ورموزه وعلمه, ولكن الجميع يعلم علم اليقين أن الكل لن يسامح الذين أخذتهم العزة بالإثم ورفضوا الاعتذار, من بينهم زاهر الذي هندس لاعتداء الحافلة التي كانت تقل اللاعبين والطاقم الفني ووزير الشباب والرياضة وصديقه روراوة, ولا زلت أتذكره وهو يتهكم أمام الإعلام بعد كل هذه الأحداث ويسخر من اللاعبين مصرحا دون حياء بأنهم من كسروا زجاج الحافلة وأنهم وضعوا الكاتشب على رؤوسهم للتمويه ووصف ضمادات لموشية وحليش بالمسرحية, لقد كان كبير الكذابين والمفترين بلا منازع وبدل أن يستقيل ويتوب الى الله عاد وصرح بأنه سيعقد جلسة الصلح مع روراوة دون أن يقدم اعتذارا, فأي تصالح هذا؟ إن كنت تريد أن تصالحني فأنت تعترف ضمنيا بأنك أخطأت في حقي, وكان واجبا عليك أن تعتذر إلي وأن تطلب مني أن أقبل اعتذارك حتى نتصالح بحق. اقتصار الصلح على الاتحاديتين جعل الصلح ناقصا, وعقده دون اعتذار جعله سطحيا, ووجود الكذاب زاهر كطرف فيه جعله شكليا ودون ذوق, بصراحة أقول أنه حتى ولو اعتذر الجميع وتصالح الجميع سأفرح ولكن ثقتي ستبقى مهزوزة وسأبقي عليها في قاعة الانتظار الى حين إجراء مقابلة أخرى فاصلة في القاهرة وسأرى حينها مدى صدق هذا الصلح.

ولكن لا مفر من العمل من أجل تلطيف الأجواء, ولكن تعميق العلاقات الرياضية ما بين البلدين تتطلب خطوات عملية لا شفهية ونقاط على جميع الأطراف الالتزام بها, وأهمها :

1-تكثيف النشاطات الرياضية ما بين البلدين خاصة الدورات الدولية والإقليمية, منها المنافسات القارية, منافسات اتحاد شمال إفريقيا, والمنافسات العربية, فكثرة المقابلات ستجعل خبر الفوز أو الهزيمة طبيعيا لدى الطرفين ولدى الجماهير عكس المقابلات القليلة والنادرة أحيانا, والتي يتم فيها الحشد الجماهيري والإعلامي ويصبح فيها الفوز قضية دولة.

2-على فرق ونوادي البلدين استغلال أوقات توقف البطولات من أجل إجراء مقابلات ودية تحضيرية, يتم خلالها تنظيم نشاطات ودعوة وجوه رياضية من أجل إضفاء أجواء أخوية على العلاقات, توسيع التبادل الرياضي الى رياضات أخرى كألعاب القوى, والسباحة, والرياضات الأخرى.

3-معاقبة كل من يتجرأ على اهانة الطرف الآخر بأي شكل من الأشكال والتزام السلطات العليا لكل دولة بتوفير كل الظروف اللازمة من أجل راحة الضيوف, وعلى الصحافة واستوديوهات التحليل احترام المنافس وتقبل الهزيمة بروح رياضية.

4-الإسراع في احتواء أي أزمة بتغليب لغة العقل وعلى الطرف المخطأ تقديم اعتذار فوري للطرف المتضرر وطي صفحة الأزمة في يومها.

5-تبادل الخبرات ما بين البلدين, فحبذا لو نرى لاعبين من مصر في البطولة الجزائرية أم مدربين أو أطباء, والعكس.

أخيرا نشكر قطر على الوقفة والنية الطيبة ونتمنى أن تكون جلسة الصلح رغم سطحيتها خطوة نحو علاقات أفضل بين الجزائر ومصر.