فرعون يأكل الغلة ويسب الملة

عندما ظهرت نتائج القرعة الخاصة برابطة أبطال إفريقيا, ووقعت الشبيبة في نفس الفوج مع الأهلي و الاسماعيلي, توقعت مباشرة عودة التوتر الى العلاقات الرياضية بين البلدين والجرح الذي لم يبرأ بعد أحداث القاهرة حتما سينزف من جديد, بالنسبة للاسماعيلي توقعت أن تكون مباراة الذهاب هادئة, وأيضا ستكون كذلك مباراة العودة باعتبار أن الشبيبة لاقت أحسن الاستقبال ولم تتعرض لأية مضايقة خاصة وأنها كانت الفائزة بنقاط المباراة في مصر, وعليه لا بد للشبيبة أن ترد بالمثل وأن تكرم وفادة النادي الاسماعيلي, وأن تستقبلهم أحسن استقبال حتى ولو تعرضت الشبيبة لمضايقات من طرف الأهلي وجماهيره, فلكل مقام مقال ولا تزر وازرة وزر أخرى, أما بالنسبة لمباراة الأهلي فالأمور تختلف لأن المباراة تحمل فعلا ذكريات ما حدث في تصفيات كاس العالم 2010, خاصة وأن الأهلي في صفوفه أغلبية لاعبي المنتخب المصري الأساسيين, وكلهم يحملون ذكريات الإقصاء المر من المونديال, وأيضا الجماهير الجزائرية لا زالت تتذكر كيف أساءت مصر استقبال الخضر في القاهرة وكيف تكالبت عليها أوكار الدعارة الإعلامية, وما تعرض له الجمهور ورموز الدولة من اهانة واحتقار, ولا مقام للتفصيل فالجميع على اطلاع بما حصل. لكن الشبيبة وعلى الطريقة القبائلية الجزائرية استقبلت وفد الأهلي أحسن استقبال, ووفرت كل وسائل الراحة حتى أنها خصصت إماما لهم يؤمهم في صلاة التراويح, وكان مسؤول النادي القبائلي ووالي الولاية, في ذهاب وإياب على البعثة المصرية من أجل الاطمئنان على راحتهم, وكل تحضيرات وتدريبات الأهلي جرت في ظروف جيدة ودون مشاكل تذكر, حتى حادث الحافلة لم يكن له تأثير على كل ما أنجز لأن السلطات اعتقلت الفاعل, واعتذرت من الفريق وهي لقطة بسيطة لو قام بها المصريون في القاهرة لكانت العلاقات أفضل مما هي عليه الآن, لكن الأحداث لم تتوقف عند هذا الحد, فالمباراة كانت تخبئ أحداثا خطيرة مست خصوصا باحترافية النادي المصري الذي تجاوز حدود اللياقة والأخلاق الرياضية, عندما اعتدى لاعبوه على حكم التماس الذي أعلن حالة تسلل حقيقة لا غبار عليها, كما تجرأ اللاعبون على الاعتداء على الشرطة التي قامت بواجب حماية الحكم, لكن الكاميرا للأسف كانت غائبة في كثير من اللقطات فلم نشاهد على المباشر حالة التسلل بالشكل الذي يليق بإخراج مباراة في كرة القدم حيث اطلعنا على حالة التسلل بشكل تفصيلي في الاستديو التحليلي, حتى حالة الاعتداء على الحكم لم نشاهدها فما رأيناه من بعيد مجرد فوضى ولاعبون وأشخاص يجرون في كل الاتجاهات, فكل المشاهدين لم يفهموا ما حدث في تلك الأثناء, واكتفى المخرج بعرض صور اشتباكات بين اللاعبين المصريين وقوات الأمن ومن يشاهد اللقطة يعتقد أن الشرطة هي من اعتدت على اللاعبين في حين أنها هي من تعرضت للاعتداء بعد محاولتها حماية حكم التماس, وكأن رأس مخرج الجزيرة كان تحت ضغط بندقية مصرية توجهه الى حيث يجب أن يصور, وحيث لا يجب, وأقول لو لا رداءة الإخراج لشاهدنا لقطات كثيرة تبين ضعف المستوى الأخلاقي للاعبي الأهلي, وضعف روحهم الرياضية, فلقطة البصق على الجمهور من طرف أحمد حسن والسيد لم نشاهدها بعد نهاية المباراة واطلعنا عليها من خلال الصحافة الرياضية, وكذلك إشارة الذبح التي بدرت من البدري مدرب الأهلي لم نشاهدها أثناء نهاية المباراة واطلعنا عليها كتابة وصورة في الصحافة أيضا وفي صفحات الانترنت. انه ميلاد فرعون جديد بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو, انه الفرعون الذباح الذي يأكل الغلة ويسب الملة, فبعد كل الاستقبال الحار الذي حظي به في الجزائر هاهو يتوعد الجماهير بالذبح والترهيب في القاهرة, والإشارة التي قام بها لا يمكن إلا نصفها  بالإرهابية فالإرهابيون وحدهم من يتوعدون الناس بالذبح, إشارة قذرة جعلت البدري ينظم الى قافلة الفراعنة الذين أساءوا للجزائر, و الذين يبادلون في كل مرة موائد الكرم الجزائرية بموائد اللؤم, ويعضون اليد التي تمتد إليهم بالجود والكرم.

كثيرا ما نتكلم عن العنف في الملاعب وفي كل مرة توجه أصابع الاتهام الى الجماهير, لكن نأسف فعلا عندما يكون زارع العنف في الملاعب مدرب على شاكلة الفرعون الذباح. لقد أصبحت الخسارة أمام الجزائريين غير مقبولة في القاموس الرياضي للمنتخبات المصرية وأصبح المصريون يكلون كل مرة ويجهدون أنفسهم بعد كل خسارة أمام الجزائر في البحث عن المبررات حتى ولو كان ذلك على حساب الروح الرياضية والاحترافية والأخلاق والقيم, حتى علاء صادق الصحفي المعروف بصراحته سار في الدرب هذه المرة وشاهدته يقول في إحدى حصص ظلال وأضواء بعد المباراة واصفا أداء الحكم بالقذر وأوصى بضرورة الاحتجاج لدى الكاف وأكد على ضرورة إدراج نقطة انتهاء المباراة قبل وقتها كمادة ضغط من أجل إعادتها , وفي وقت سابق اعتبر السي علاء وكثير من محللي القنوات المصرية أن الحكم كوفي كوجيا الذي أقصى ثلاث لاعبين في الدور النصف نهائي من دورة أنغولا 2010 بالبطاقة الحمراء محقا في كل قراراته وقالوا حينها أن اللاعب الجزائر عصبي فوق العادة, فما هو حلال على الذباح حرام على الآخرين, وكم هي كثيرة السيناريوهات التي رويت على الفضائيات الإعلامية حول ما حدث في مقابلة الشبيبة والأهلي, ولا يعدوا أن يكون كل ذلك إلا إساءة لسمعة كرة القدم المصرية, وستبقى صورة الفرعون الذباح حية في كل مرة يتحدث فيها المختصون عن عنف الملاعب.