ويعود من القلعة الحمراء بمشروع القلعة الصفراء


التاسع والعشرون من شهر أوت 2010, على الساعة الثامنة والنصف مساء, كانت الشبيبة القبائلية على موعد مع التاريخ, من أجل افتكاك ورقة العبور الى المربع الذهبي لأغلى كاس قارية للأندية, والتي ستمكنها مستقبلا إن هي أحرزت البطولة من المشاركة في كاس العالم للأندية, كما كانت على موعد مع التحدي من أجل تأكيد نتيجة أول نوفمبر بتيزي وزو, وفرصة للتنخم على توقعات بعض المحللين المصريين الفاشلين الذين نعتوا الشبيبة بالفريق الضعيف والمتواضع, كانت فرصة أيضا للدوس على أحاسيس التكبر والاحتقار التي ميزت لاعبي الأهلي في مواجهة الذهاب, والرد على الفرعون الذباح حسام البدري الذي توعدهم بالذبح ولكن الشبيبة ردت عليه في الميدان وأثبتت له أنه مدرب فاشل يحاول أن يغطي فشله من خلال الاعتداء والاحتجاج والتهديد.بداية الشوط الأول من المباراة شهدت دخولا حماسيا للاعبي الأهلي من أجل تسجيل أول هدف في الدقائق الأولى, وتسيير ما تبقى من المباراة, فيما لعبت الشبيبة في الدفاع ووسط الميدان واعتمدت على الهجمات المعاكسة من أجل مباغتة الخصم, لكن الرياح لم تهب كما تشتهي السفينة الصفراء في الدقيقة الواحدة والعشرون أين توصل اللاعب جدو الى مرمى الحارس عسلة بعد فتحة جميلة من أحمد فتحى مرت في ظهر المدافعين, الذين لم يوفقوا في بناء شراك التسلل, لكن فرحة المصريين لم تدم طويلا بالهدف حيث عدل تجار النتيجة سبعة دقائق بعد هدف الأهلي بتسديدة قوية من على بعد حوالي 25 متر مخادعة الحارس إكرامي  لتستقر نتيجة التعادل الى غاية نهاية الشوط الأول الذي سجلت فيه حالة طرد للاعب الشبيبة يحيى سيد علي شريف بعد تلقيه لإنذارين, غير أن البطاقة الأولى كانت مجانية وبطلب من اللاعب عندما ضرب الكرة بنرفزة بعد خروجها إلى التماس, وطبعا مثل هذه التصرفات العصبية تكلف الفريق غاليا فيما تبقى من وقت المباراة خاصة إذا تلقى البطاقة الصفراء الثانية وهو فعلا ما حدث, وان كان الملاحظون قد أكدوا أن البطاقة الثانية غير مستحقة, وأن ضربة الجزاء شرعية, لكن اللاعب ساهم في خروجه من الملعب بسبب البطاقة الأولى المجانية وربما كان ذلك درسا لسي يحيى, فيما تبقى من عمر المنافسة القارية.
الشوط الثاني لعب بطريقة واحدة, الأهلي في الهجوم والشبيبة في الدفاع في ظل النقص العددي, وشهد الشوط عدة فرص ضائعة للأهلي, فيما اعتمدت الشبيبة على المرتدات وكادت تفعلها وتسجل من خلال ضربة حرة مباشرة في الدقائق الأخيرة من المباراة, كما أنقذ حارس مرمى الشبيبة مرماه بعد إبعاد ضربة رأس أحمد حسن التي كادت أن تنهي المباراة لصالح الأهلي الى الركنية,  وربما كان خروج يحيى شريف خيرا للشبيبة التي استماتت من أجل الحفاظ على شباكها وعلى نتيجة التعادل, وهو ما حدث الى غاية نهاية المباراة, التي انتهت بتعادل ايجابي مكنت الشبيبة من الحصول على النقطة العاشرة والمرور الى الدور النصف النهائي بأمان, وتبقى في مسيرتها مقابلتين نتمنى أن تلعبهما الشبيبة بكل إمكانياتها من أجل احتلال المركز الأول وتأكيد تفوقها في المقابلات السابقة. الشبيبة انتصرت في ملعب القاهرة بإرادتها وعملها ولعبها الجماعي, وتحدت كل الأسماء الثقيلة الموجودة في الأهلي, وتحدت حكم المباراة الزامبي كاوو وما ويليغتون الذي تحايل طيلة المباراة وبطريقة حيوانية من أجل مساندة الفراعنة, وإرباك ونرفزة لاعبي الشبيبة من خلال توزيع البطاقات الصفراء والحمراء, ومنح مخالفات وهمية للأهلي كتلك التي أعلنها في الوقت بدل الضائع ولكن الشبيبة أصرت على انتزاع نقطة بطعم الفوز رغم كل الصعوبات ورغم الأنف القذر للحكم الزامبي.
وهل يمكن أن تنتهي مقابلة مصرية جزائرية يفوز فيها طرف جزائري دون أن يكون فيها اعتداءات وتجاوزات, البداية كانت بتعرض مليك عسلة “عساس” شبيبة القبائل الى ضربات الليزر والتي أثرت عليه مما استدعت تدخل طبيب الفريق, كما تعرض اللاعبون للأشعة طيلة التسعين دقيقة كما أشارت إليه الصحف الوطنية,  أما نهاية اللقاء فشهدت العجب وهو شيء أصبح طبيعيا وعاديا بعد كل تعثر أمام الجزائريين, فالفرعون الذباح  شتم حناشي في حركة أخرى غير رياضية وغير أخلاقية في حين فضل الشيخ حناشي عدم الرد على تصرفات البدري الصبيانية والتي لا يمكن إلا أن تصدر من مدرب فاشل, كما اعتدى معوض وأحمد حسن على لاعبي الشبيبة في النفق المؤدي الى غرف تغيير الملابس, وتلفظوا بكلمات يستحي من سماعها شهر الصيام, كما قام معوض أيضا بمحاولة اعتداء على رئيس الفريق القبائلي السيد حناشي لولا تدخل رجال الأمن, كما تعرض اللاعبون الى وابل من الحجارة والقارورات ومختلف المقذوفات,  حيث أصيب العضو الإداري لفريق شبيبة القبائل بكسر في يده عند محاولته الهروب من وابل الحجارة التي كانت تسقط على أفراد الشبيبة وهم متجهون الى غرف تغيير الملابس, كما لم يسلم الحكم المنحاز من وابل الحجارة التي كانت بحق جزاء سنمار المستحق بعد أن تحايل بكل السبل من أجل أن يفوز الأهلي بنقاط المباراة, وما يدعو للضحك ما يقوله بعض الإعلاميين المصريين في القنوات الفضائية, حيث شاهدت السيد نوار ماجد نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصرية, وهو يجيب على أسئلة مقدم برنامج مساء الرياضة على قناة الجزيرة, وهو يقول أن الجمهور الأهلاوي أبان في المقابلة عن روح رياضية يجب أن تدرس ويجب على الجزائريين التعلم منها, ولا زلنا نتعجب عن جين “لا أريكم إلا ما أرى” الذي ورث لهؤلاء رغم مرور آلاف القرون, وربما نسى صاحبنا أن يذكر مكان المدرسة التي يجب أن تدرس فيها روح جمهوره والتي لا يمكن لها إلا أن تكون مدرسة اللؤم, أو أي مزبلة من مزابل هذا العالم. كما بقيت ساهرا بعد المباراة في انتظار الأستوديو التحليل على أحد القنوات المصرية, لكني لم أعثر على أي جلسة ما عدا حصة صفحة الرياضة التي تبثها قناة نيل سبور حيث لم يجد مقدمها ما يقوله غير مناقشة جلوس السيد حناشي على دكة البدلاء.
وقبل أن ننتهي علينا أن ننوه بالعمل الجبار الذي قامت به السلطات الأمنية في القاهرة من أجل تأمين راحة المنتخب, ولكن يبقى الشيء الذي نأسف له عندما يصبح مستحيلا على لاعب مصري التجوال في شوارع تيزي وزو, ومستحيلا على لاعب جزائري التجوال في شوارع القاهرة, ولا أعتقد أن يكون الطوق الأمني الحديدي أسلوبا من أساليب حسن الضيافة.
الطائر الأصفر غرد قسما ومن جبالنا في سماء القاهرة, وفي أذن المارد الأحمر الذي سقط في أرضه وبين جمهوره من شدة الصداع, وعاد من القلعة الحمراء بمشروع القلعة الصفراء التي ستعلو رايتها بإذن الله عندما تعانق الكأس الأفريقية الغالية.